جبريل من الله تعالى بجوابهم. قال:«وما هذا إلا اعتناء وكبير وشرف للرسول صلى الله عليه وسلم حيث كان يأتيه الوحي من الله عزّ وجلّ بالقرآن صباحا ومساء، وليلا ونهارا، وسفرا وحضرا»(١).
٢ - تسهيل حفظه على الرسول والمؤمنين، كلون من ألوان الحفظ الذي تكفل الله تعالى به: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (٩)[سورة الحجر، الآية ٩].
فقد اختار الله تعالى تنزيله على هذا الوجه ليسهل على الناس حفظه، ولهذا جمع بين الأمرين في هذه الآية فقال تعالى: وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ.
وإذا كان الله تعالى قد تكفل لرسوله بحفظه: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (٦)[سورة الأعلى، الآية ٦]. فإن أفراد المسلمين كانوا بحاجة إلى أن يعطوا فرصة تمكنهم من حفظه في الصدور، وهو الحفظ الأول والأهم بوصفهم أمّة أميّة كما هو معلوم.
٣ - يمكن القول: إن من حكم هذا التنجيم، بصورة عامة، رسم صورة المجتمع الآخر، أو الفئات الثانية من منافقين ومشركين ... وفضح أساليبهم ونواياهم، ومفاجأتهم بحقيقة ما يقولون ويبيّتون ويمكرون. قال تعالى: يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِؤُا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ (٦٤)[سورة التوبة، الآية ٦٤].
وتظهر أهمية هذه الفائدة بالمقارنة بالحكمة الرابعة التالية:
٤ - ومن أهم هذه الحكم: تربية الأمة الناشئة وإعدادها لبنة لبنة، وآية آية ... بحيث تم بناء هذه الأمة في نهاية المطاف من خلال نصوص القرآن
(١) تفسير ابن كثير ٣/ ٣١٧. قال الطبري: «ولا يأتيك يا محمد هؤلاء المشركون بمثل يضربونه إلا جئناك من الحق بما نبطل به ما جاءوا به، وأحسن منه تفسيرا» جامع البيان ١٩/ ١١.