يتلاءم مع شخصية متزنة كالمسيح، كما أنه نقل النبوءة المزعومة من جو البهجة والسرور "ابتهجي جداً يا ابنة صهيون" إلى جو منع الخوف " كما هو مكتوب: لا تخافي يا ابنة صهيون، هوذا ملكك يأتي جالساً على جحش أتان"(يوحنا ١٢/ ١٥).
- وينقل متى من سفر النبي إشعيا، فيغير في النبوءة ليقدم لنا مثالاً للحرية التي تعامل بها الإنجيليون مع النصوص التوراتية، إذ يقول:" فقد تمت فيهم نبوة إشعياء القائلة: تسمعون سمعاً ولا تفهمون، ومبصرين تبصرون ولا تنظرون، لأن قلب هذا الشعب قد غلظ، وآذانهم قد ثقل سماعها، وغمضوا عيونهم، لئلا يبصروا بعيونهم ويسمعوا بآذانهم ويفهموا بقلوبهم، ويرجعوا فأشفيهم"(متى ١٣/ ١٤ - ١٥).
وهو اقتباس تصرف فيه متى وهو ينقله من سفر إشعيا الذي يقول في سفره متوعداً بني إسرائيل:"فقال: اذهب وقل لهذا الشعب: اسمعوا سمعاً ولا تفهموا، وأبصروا إبصاراً ولا تعرفوا، غلِّظ قلب هذا الشعب، وثقّل أذنيه، واطمس عينيه، لئلا يبصر بعينيه ويسمع بأذنيه ويفهم بقلبه، ويرجع فيشفى"(إشعيا ٦/ ٩ - ١٠).
فقد كان نص إشعيا حديثاً بصيغة المستقبل عما سيؤول إليه حال بني إسرائيل، فجعلها متى بصيغة الإخبار عن الحال الحاضر، ولو كان يعتبر ما يعاصره من عصيان اليهود وقسوة قلوبهم تفسيراً لتلك النبوءة، لكان فعله مقبولاً، لكنه بالحقيقة كان ينقل النبوءة ويغير بألفاظها " تمت فيهم نبوة إشعياء القائلة: تسمعون .. ".
- ومثله تحرر بولس من كل ضوابط الأمانة والدقة في النقل، وهو ينقل عن سفر إشعيا فيقول:"مكتوب: أنا حيّ يقول الرب، إنه لي ستجثو كل ركبة، وكل لسان سيحمد الله"(رومية ١٤/ ١١)، فقد تصرف في نص العهد القديم مرتين: الأولى: حين نسب إليه قول الرب بأنه حي. والأخرى: حين أخبر أن الألسنة ستحمد الله، بينما نص إشعيا يتحدث عن الألسنة التي ستحلف بالله، يقول إشعيا: "بذاتي أقسمت،