للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَدِمتُ البَصْرةَ لقيتُ عبدَ الرحمن (١)، فسلَّمتُ عليه، فقال: هاتِ يا عليُّ ما عندك. فقلتُ: ما أحدٌ يُفيدني عن الأعمش شيئًا. قال: فغَضِب، فقال: هذا كلامُ أهل العلم؟ ! ومَن يَضبِطُ العلمَ؟ ومَن يُحيط به؟ مثلُك يتكلَّم بهذا؟ معك شيء تكتبُ (٢) فيه؟ قلتُ: نعم. قال: اكتب. قلتُ: ذاكِرني؛ فلعلَّه عندي. قال: اكتب، لستُ أُمْلي عليك إلَّا ما ليس عندك. قال: فأملى عليَّ ثلاثين حديثًا لم أسمَعْ منها حديثًا، ثم قال: لا تَعُدْ. قلتُ: لا أعودُ.

قال عليٌّ: فلمَّا كان بعد سنَةٍ جاء سليمانُ (٣) إلى الباب، فقال: امضِ بِنا إلى عبد الرحمن حتى أفضحَه اليومَ في المَناسِك. قال عليٌّ: وكان سليمان مِن أعلمِ أصحابِنا بالحجِّ. قال: فذهبنا فدخلنا عليه، فسلَّمنا وجلسنا بين يديه، فقال: هاتا ما عندكما، وأظنُّك يا سليمان صاحبَ الخُطْبة. قال: نعم، ما أحدٌ يُفيدنا في الحَجِّ شيئًا. فأقبل عليه بمثل ما أقبل عليَّ، ثم قال: يا سليمان، ما تقول في رجل قضى المناسكَ كلَّها إلَّا الطوافَ بالبيت، فوقع على أهلِه؟ فاندفع سليمانُ فروى: يتفرَّقانِ حيث اجتَمَعا، ويجتمعانِ حيث تفرَّقا. قال: اروِ ومتى (٤) يجتمعان، ومتى يفترقان (٥)؟ قال: فسكت سُليمان، فقال: اكتب. وأقبل يُلْقي عليه


(١) هو ابن مهدي.
(٢) لم ينقط أوله في ظ، ك، ورسم أوله في ي بالياء والتاء وكتب فوقه: «معًا»، والمثبت من س، أ.
(٣) أظنه الشاذكوني.
(٤) في ك: «متى» بدون واو، والمثبت من ظ، س، أ، ي.
(٥) في أ: «يتفرقان»، وغير واضح في ظ، والمثبت من س، ك، حاشية أمنسوبًا لنسخة طبقات السماع، ي.

<<  <   >  >>