للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأما هلاك ولده فقد روى عن عروة بن الزبير أن عتبة بن أبي لهب - وكان تحته بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يسافر إلى الشام فقال: لآتين محمدًا فلأوذينه فأتاه, فقال: يا محمد إني كافر بالنجم إذا هوى وبالذي دنا فتدلى, ثم تفل في وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , ورد عليه ابنته وطلقها, فقال - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم سلط عليه كلبًا من كلابك", وكان أبو طالب حاضرًا عنده, وقال: ما أغناك يا ابن أخي عن مثل هذه الدعوة, فرجع عنه إلي أبيه فأخبره ثم خرجوا إلى الشام، فنزلوا منزلًا فأشرف عليهم راهب من الدير فقال: إن هذه أرض مسبعة، فقال أبو لهب لأصحابه: أعينونا يا معشر قريش هذه الليلة فإني أخاف على ابني من دعوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، فجمعوا جمالهم وأناخوها حولهم وأحدقوا بعتبة, فسلط الله الأسد وألقى السكينة على الإبل, فجعل الأسد يتخللهم ويشم وجوههم حتى وجد عتبة وافترسه. فقال حسان بن ثابت - رضي الله عنه -:

من يرجع العام أهله ... فما أكل السبع بالراجع

قد كان لكم هذا عبرة ... للسيد المتبوع والتابع (١)

(تكميل) قال الإسماعيلي: هذا الحديث مرسل؛ لأن هذه الآية مكية وكان ابن عباس - رضي الله عنهما - إذ ذاك صغيرًا. انتهى. بل كان- على بعض الأقوال- غير موجود (٢).

واعترض على المؤلف في تخريجه هذا الحديث في هذا الباب؛ لأن تبويبه يدل على العموم في شرار المؤمنين والكافرين، وكأنه نسي حديث أنس - رضي الله عنه - في الثناء على الجنازة.

وأجيب: بأنه يحتمل أن يريد الخصوص، فطابقت الآية الترجمة، أو يريد العموم قياسًا للمسلم المجاهر بالشرِّ على الكافر؛ لأن المسلم الفاسق لا غيبة له فتذكر (٣).

ثم هذا الحديث أخرجه المؤلف هنا مختصرًا ويأتي - إن شاء الله تعالى- في التفسير في الشعراء مطولًا, وأخرجه مسلم في الإيمان والترمذي في التفسير وكذا النسائي (٤)


(١) رواه أبو نعيم في كتابه دلائل النبوة (١/ ٤٥٤) (٣٨٠)، ورواه البيهقي في دلائل النبوة، باب دعاء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- على سبعة من قريش يؤذونه، ثم على ابن أبي لهب وما ظهر في ذلك من الآيات (٢/ ٣٣٨)، وأخرجه الحاكم في "المستدرك " (٢/ ٥٨٨) (٣٩٨٤) وقال: «صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
(٢) التوضيح (١٠/ ٢٠٦).
(٣) عمدة القاري (٨/ ٢٣١).
(٤) صحيح البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب {وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك} [الشعراء: ٢١٥] (٦/ ١١١) (٤٧٧٠) *صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب في قوله تعالى: {وأنذر عشيرتك الأقربين} [الشعراء: ٢١٤] (١/ ١٩٣) (٢٠٨). * السنن الكبرى، كتاب التفسير، سورة سبأ (١٠/ ٢٢٧) (١١٣٦٢) * سنن الترمذي، أبواب تفسير القرآن باب ومن سورة تبت (٥/ ٤٥١) (٣٣٦٣).