للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الضريع وفي جيدها حبل ممّا مسد من سلاسل النار كما يعذب كل مجرم بما يجانس حاله في جرمه (١).

(تذييل) ويحتمل أن يكون قوله: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المَسَد: ١] إخبارًا عن هلاك نفسه, وقوله: "وتب" إخبارًا عن هلاك ولده عتبة. وكون نزول هذه الآية متقدمًا على هلاكهما لا ينافيه كون الأخبار فيها بلفظ الماضي؛ لأن ذلك مبنى على أنه كان في علمه تعالى أنه يحصل ذلك فيما يستقبل, أما هلاك نفسه فموته على الكفر والمذلة (٢).

[٢٩٣ أ/ص]

روى أبو رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كنت غلامًا للعباس بن عبد المطلب وكان الإسلام دخل بيتنا، فأسلم العباس وأسلمتْ أم الفضل، وكان العباس - رضي الله عنه - يهاب القوم ويكتم إسلامه، فكان أبو لهب تخلف عن بدر، فبعث مكانه العاص بن هشام، ولم يتخلف رجل منهم إلا بعث مكانه رجلًا، فلما جاء الخبر عن وقعة أهل بدر وجدنا في أنفسنا قوة، وكنت رجلًا ضعيفًا وكنت أعمل القداح في حجرة زمزم، /فكنت جالسًا وعندي أم الفضل جالسة، وقد سرَّنا ما جاءنا من الخبر؛ إذ أقبل أبو لهب يجر رجليه، فجلس على طُنُب الحُجرة فقال الناس: هذا أبو سفيان بن حرب، فقال أبو لهب: كيف الخبر يا ابن أخي؟ فقال: لقينا القوم ومنحناهم أكتافنا يقتلوننا كيف أرادوا، وايم الله مع ذلك لقيَنَا رجال بيض على خيلة بين السماء والأرض, فقال أبو رافع: فرفعت طنب الحجرة ثم قلت: أولئك والله الملائكة فأخذني وضربني على الأرض، ثم ركب عليَّ فضربني وكنت رجلًا ضعيفًا، فقامت أم الفضل فضربته على رأسه ولحيته وقالت: تستضعفه إن غاب سيده، والله نحن مؤمنون منذ كثير، وقد صدق فيما قال، فانصرف ذليلًا، فوالله ما عاش إلا سبع ليال حتى رماه الله بالعَدَسة وهي بئرة تخرج في الإنسان وربما قتلت, ولقد تركه أبناؤه ليلتين أو ثلاثًا حتى أنتن في بيته، وكانت قريش تتَّقي العدسة كما يتقي الناس الطاعون، ويقولون: نخشى هذه القرحة، ثم دفنوه وتركوه" (٣)، فهذا معنى قوله: {مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (٢)} [المَسَد: ٢].


(١) الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (٤/ ٨١٤).
(٢) غرائب القرآن ورغائب الفرقان، نظام الدين الحسن بن محمد بن حسين القمي النيسابوري (المتوفى: ٨٥٠ هـ)، المحقق: الشيخ زكريا عميرات، دار الكتب العلميه - بيروت، الطبعة: الأولى - ١٤١٦ هـ (٦/ ٥٩١).
(٣) أخرجه الحاكم في مستدركه، كتاب معرفة الصحابة رضي الله عنهم، ذكر إسلام العباس رضي الله عنه، واختلاف الروايات في وقت إسلامه (٣/ ٣٦٣) (٥٤٠٣)، من طريق حسين بن عبد الله، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن أبي رافع، وسكت عنه الذهبي في التلخيص، وقال الهيثمي في"المجمع" (٦/ ٨٨) (١٠٠١٤): رواه الطبراني والبزار، وفي إسناده حسين بن عبد الله بن عبيد الله، وثقه أبو حاتم، وغيره، وضعفه جماعة وبقية رجاله ثقات.