للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالحطب المتعارف في أن كل واحد منهما سبب لإيقاد النار واشتغالها؛ فإن الأوزار توقد بها نار جهنم ,كما أن الحطب توقد به نار الدنيا.

والثاني: أن الحطب مستعار للنميمة فإنها توقد بها نار الخصومة والحرب, والحرب يطلق عليه اسم النار، قال تعالى: {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ} [المائدة: ٦٤] وعلى التقديرين يكون قوله تعالى: {فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (٥)} [المَسَد: ٥] ترشيحًا للاستعارة؛ فإن الحطب الحقيقي يلائمه أن يلقى حامله الحبل على جيده بأن يجعله حزمة ويحمله على ظهره بالحبل المرسل على الجيد.

والثالث: أن الحطب على حقيقته وكانت تحمل بنفسها الشوك والحطب لأجل أن تلقيه بالليل في طريق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليتأذى به عند خروجه للصلاة لا أنها تحمله لمصلحة بيتها حتى ينافي في كونها من بيت العز والسعة (١).

{فِي جِيدِهَا حَبْلٌ} في موضع الحال من قوله: {وَامْرَأَتُهُ}، وحبل فاعل الظرف لاعتماده على ذي الحال، أو الخبر على أن يكون وامرأته مبتدأ.

[١٢٨ ب/س]

{مِنْ مَسَدٍ} أي: مما (٢) مُسِد، قال الواحدي: المسد في كلام العرب الفتل. يقال مسد الحبل يمسده مسدًا أي: فتله, والمسد ما مسد أي: فتل / من الحبال من أي شيء كان من ليف أو جلد أو غيرهما (٣).

والمراد تصويرها بصورة الحطابة تحقيرًا لها وتعييرًا بها إيذاء لها ولزوجها كما آذيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو المراد بيان حالها في نار جهنم؛ أي: أنها تكون في نار جهنم على الصورة التي كانت عليها حين كانت تحمل حزمة الشوك, فلا تزال على ظهرها حزمة من حطب النار من شجرة الزقوم، أو من


(١) تفسير الرازي (٣٢/ ٣٥٥).
(٢) (ما من) في ب.
(٣) الوسيط في تفسير القرآن المجيد، أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي (المتوفى: ٤٦٨ هـ) تحقيق وتعليق: الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، الشيخ علي محمد معوض، الدكتور أحمد محمد صيرة، الدكتور أحمد عبد الغني الجمل، الدكتور عبد الرحمن عويس، قدمه وقرظه: الأستاذ الدكتور عبد الحي الفرماوي، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، الطبعة: الأولى، ١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م (٤/ ٥٦٩).