للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ويحتمل أن يكون المراد بماله المال الذي ورثه من أبيه, وبما كسب الذي كسبه بنفسه, ويحتمل أن يكون المراد بماله ما (١) في يده من المال مطلقًا, وبكسبه ما اكتسبه من الأعمال أو من ولده. قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: ما كسب ولده (٢). وقد ورد في الحديث تسمية الولد كسبًا في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن أطيب ما يأكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه" (٣) وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -: " أنت ومالك لأبيك" (٤).

{سَيَصْلَى} أيْ: سيدخل وإن تأخر دخوله {نَارًا} أي نارًا عظيمة {ذَاتَ لَهَبٍ (٣)} [المَسَد: ٣] وقوله تعالى: {وَامْرَأَتُهُ} [المَسَد: ٤] عطف على المستكن أي: سيصلى هو وامرأته، وجاز العطف للفصل. وهي أُمُّ جميل بنت حرب, أخت أبي سفيان بن حرب, عمة معاوية - رضي الله عنه - , وكانت في غاية العداوة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٥).

{حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤)} [المَسَد: ٤] قرئ بالرفع على أنها نعت لامرأته بناء على أن الإضافة معنوية؛ إذ الحمالة للمضي أو خبر مبتدأ محذوف أي: هي حمالةُ الحطب وبالنصب على الذم أيْ: أذم حمالةَ الحطب.

فإن قيل: كيف قيل لها: "حمالة الحطب" مع أنها كانت من بيت العز والسعة؟! فالجواب عنه بثلاثة أوجه:

[٢٩٣ أ/س]

الأول: أنه ليس المراد بالحطب المتعارف؛ بل المراد به ما حملته من الآثام والأوزار بسبب معاداتها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - / وترغيبها زوجها على أذاه, فالحطب مستعار لتلك الآثام تشبيهًا لها


(١) [ما] سقط في ب.
(٢) تفسير النسفي، سورة المسد (٣/ ٦٩٢).
(٣) المستدرك على الصحيحين، كتاب البيوع (٢/ ٥٢) (٢٢٩٤)، عن شعبة، عن الحكم، عن عمارة بن عمير، عن أبيه، عن عائشة هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وقال الذهبي: على شرط البخاري ومسلم. وأخرجه أحمد في "مسنده" (١١/ ٢٦١) (٦٦٧٨) من طريق عبيد الله بن الأخنس، حدثني عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. وأخرجه النسائي في سننه الصغرى (٧/ ٢٤٠) (٤٤٤٩) من طريق إبراهيم به.
(٤) سنن ابن ماجه، كتاب التجارات، باب ما للرجل من مال ولده (٢/ ٧٦٩) (٢٢٩٢) من طريق حجاج، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وقال البوصيري في الزوائد: إسناده صحيح، ورجاله ثقات على شرط البخاري. وأخرجه أحمد في "مسنده" (١١/ ٢٦١) (٦٦٧٨) من طريق عبيد الله بن الأخنس، به.
(٥) السيرة النبوية لابن هشام (٢/ ١٩٩).