للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الإمام يوسف زاده: " وروى أبو داود عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، قال: " لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج" (١) وأحتجَّ بهذا الحديث قوم فقالوا: إنما الإباحة في زيارة القبور للرجال دون النساء (٢).

قال الشيرازي (٣): ولا يجوز للنساء زيارة القبور لما روى أبو هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " لعن الله زوّارات القبور (٤) ".

وقال ابن تيمة: فمن العلماء من اعتقد أن النساء مأذون لهن في الزيارة، وأنه أذن لهن كما أذن للرجال، واعتقد أن قوله - صلى الله عليه وسلم -:"فزوروها فإنها تذكركم الآخرة (٥) " خطاب عام للرجال والنساء. والصحيح أن النساء لم يدخلن في الإذن في زيارة القبور لعدة أوجه:

أحدها: لو كان النساء داخلات في الخطاب، لاستحبَّ لهن زيارة القبور، كما استحب للرجال عند الجمهور، وما علمنا أن أحدًا من الأئمة استحب لهن زيارة القبور ولا كان النساء على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وخلفائه الراشدين يخرجن إلى زيارة القبور، كما يخرج الرجال.

الوجه الثاني أن يقال: غاية ما يقال في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فزوروا القبور" خطاب عام، ومعلوم أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من صلى على جنازة فله قيراط، ومن تبعها حتى تدفن فله قيراطان (٦) ". هو أدل على


(١) سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب في زيارة النساء القبور (٣/ ٢١٨) (٣٢٣٦)، من طريق شعبة، عن محمد بن جحادة، سمعت أبا صالح يحدث، عن ابن عباس. وأخرجه الترمذي في سننه (١/ ٤٢٢) (٣٢٠) بهذا الإسناد، وقال حديث حسن.
(٢) كما في (ص:٤٢٥).
(٣) المجموع (٥/ ٣١١).
(٤) سنن الترمذي، أبواب الجنائز، باب ما جاء في كراهية زيارة القبور للنساء (٣/ ٣٦٢) (١٠٥٦) من طريق أبي عوانة، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(٥) سنن الترمذي، كتاب الجنائز، باب ما جاء في الرخصة في زيارة القبور (٣/ ٣٦١) (١٠٥٤) من طريق: سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، قال: "حديث بريدة حديث حسن صحيح".
(٦) صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب فضل الصلاة على الجنازة واتباعها (٢/ ٦٥٣) (٩٤٥).