للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومنها: أن الصلاة على الموتى أصل في الدين وفرض كفاية، فلا يسقط من غير فعل أحد بالتعارض، بخلاف غسله؛ إذ النص في سقوطه لا معارض له.

ومنها: لو كانت الصلاة عليهم غير مشروعة لبينها النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما نبّه على الغسل.

ومنها: أنا نتنزل ونقول كما قاله الطحاوي: لم يُصَلِّ - عليه السلام -، وصلى غيره (١).

ومنها: أنه يجوز أنه لم يصل عليهم في ذلك اليوم؛ لما حصل له من الجراحة وشبهها، ولا سيّما من ألمه على حمزة - رضي الله عنه - وغيره - رضي الله عنهم -، وصلى عليهم في يوم غيره؛ لأنه لا تغير بهم كما جاء في صلاته عليهم بعد ثماني سنين.

ومنها: أنه قد روي أنه قد صلى على غيرهم.

ومنها: أنه ليس لهم أن يقولوا: يحمل قول عقبة: "صلى عليهم"، بمعنى استغفر لهم، لقوله: "صلاته على الميت".

ومنها: أن ما ذهب إليه أصحابنا أحوط في الدين، وفيه تحصيل الأجر. وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "من صلى على ميّت فله قيراط" (٢)، لم يفصل ميتًا من ميت.

فإن قالوا: إن الصلاة لا تصح على الميت بلا غسل، فلما لم يغسل الشهيد لم يصح الصلاة، فالجواب: أنّه ينبغي أن لا يدفن أيضًا بلا غسل، فلما دفن الشهيد بلا غسل دلّ أنه في حكم المغسول فيصلى عليه.

فإن قالوا: الشهداء أحياء بنص الآية, والصلاة إنما شرعت على الموتى؟.

فالجواب: أنه على هذا ينبغي أن لا يقسم ميراثهم ولا تزوج نساؤهم وشبه ذلك، وإنما هم أحياء في حكم الآخرة لا في حكم الدنيا، والصلاة عليهم من أحكام الدنيا, كذا قال في "المبسوط" (٣).

فإن قالوا: ترك الصلاة عليهم لاستغنائهم مع التخفيف على من بقي من المسلمين، فالجواب: أنه لا يستغنى أحد عن الخير، والصلاة خير موضوع، ولو استغنى عنه أحد من هذه الأمة لاستغنى أبو بكر


(١) شرح معاني الآثار (١/ ٥٠١)،
(٢) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب فَضْلِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ.
(٣) المبسوط (٢/ ٥٠).