للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صحيح الإسناد (١)، فيظهر من هذا تعدد القصة؛ لأنَّ خطاب النساء بذلك لا يستلزم علم الرجال به. والله أعلم (٢).

وقال ابن بطال: وهذا محمول على أنَّه أوحى إليه بذلك في الحال، ولا بعد أن ينزل عليه الوحي في أسرع من طرفة عين (٣)، ويحتمل أنَّه قد كان العلم عنده بذلك؛ لكنه أشفق عليهم أنْ يتكملوا؛ لأنَّ موت الاثنين غالبًا أكثر من موت الثلاثة، كما وقع في حديث معاذ وغيره في الشهادة بالتوحيد، ثُمَّ لما سئل عن ذلك لم يكن له بد من الجواب (٤).

وقال ابن التين تبعًا للقاضي عياض: هذا الحديث يدل على أن مفهوم العدد ليس بحجة لأنَّ الصحابية من أهل اللسان، ولم تعتبره إذ لو اعتبرته لانتفِي الحكم عندها عما عدا الثلاثة، لكنها جوزت ذلك؛ فسألت (٥).

وقال الحافظ العسقلاني: والظاهر أنها اعتبرت مفهوم العدد، إذ لو لم تعتبره لم تسأل، والتحقيق أن دلالة مفهوم العدد ليست نصية بل بطريق الاحتمال؛ فلذلك وقع السؤال عن ذلك (٦).

وقال القرطبي: وإنما خصت الثلاثة بالذكر؛ لأنها أول مراتب الكثرة؛ فبعظم المصيبة يكثر الأجر، فإذا زاد عليها يخف أمرها لكونها تصبر كالعادة، كما قيل - شعر- روَّعت بالبين حتَّى ما أروع له (٧). انتهى.


(١) المستدرك لحاكم، كتاب الجنائز (١/ ٥٤٠)، (١٤١٦) من طريق بشير بن المهاجر، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، وقال الذهبي: صحيح. وأخرجه البزار في "مسنده"، مسند بريدة بن الحصيب رضي الله عنه (١٠/ ٢٨٩) (٤٤١٠) بهذا الإسناد.
(٢) وفتح الباري (٣/ ١٢٢).
(٣) شرح صحيح البخاري لابن بطال (٣/ ٢٤٦).
(٤) وفتح الباري (٣/ ١٢٢).
(٥) إكمال المعلم بفوائد مسلم، عياض بن موسى بن عياض بن عمرون اليحصبي السبتي، أبو الفضل (المتوفى: ٥٤٤ هـ) المحقق: الدكتور يحْيَى إسماعيل، دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع، مصر، الطبعة: الأولى، ١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م (٨/ ١١٥)، وعمدة القاري (٨/ ٣٢).
(٦) فتح الباري (٣/ ١٢٢).
(٧) محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء، أبو القاسم الحسين بن محمد بن المفضل الأصفهاني، تحقيق: عمر الطباع، الناشر دار القلم، ١٤٢٠ هـ- ١٩٩٩ م، بيروت (٢/ ٧٧) ونسب هذا القول إلى المتنبي. والمفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، كتاب البر والصلة، باب: من يموت له شيء من الولد فيحتسبهم (٦/ ٦٣٨). وفتح الباري (٣/ ١٢٢) وعمدة القاري (٨/ ٣٢).