للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أن البخاري لم يوجد عنه تصريح بشرط معين، وإنما أخذ من تسميته للكتاب، والاستقراء من تصرفه".

فأمّا أولًا: فإنه سمَّاه: " الجامع الصحيح المسند المختصر من أمور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسننه وأيامه".

فعُلم من قوله "الجامع": أنه لم يخص بصنف دون صنف، ولهذا أورد فيه الأحكام والفضائل والأخبار عن الأمور الماضية والآتية، وغير ذلك من الآداب والرقائق.

ومن قوله" الصحيح": أنه ليس فيه شيء ضعيف عنده، وإن كان فيه مواضع قد انتقدها غيره، فقد أجيب عنها، وقد صح عنه أنه قال: "ما أدخلت في الجامع إلا ما صح" (١).

ومن قوله" المسند": أن مقصوده الأصلي تخريج الأحاديث التي اتصل اسنادها ببعض الصحابة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - سواء كانت من قوله أم فعله أم تقريره، وإن ما وقع في الكتاب من غير ذلك فإنما وقع تبعًا وعرضًا لا أصلًا مقصودًا (٢).

وأما ما عرف بالاستقراء من تصرفه: فهو أنه يخرّج الحديث الذي اتصل إسناده، وكان كل من رواته عدلًا موصوفًا بالضبط، فإن قصر احتاج إلى ما يجبر ذلك التقصير، وخلا عن أن يكون معلولًا، أي: فيه علّة خفية قادحة، أو شاذًا، أي: خالف رواية من هو أكثر عدلًا منه، أو أشد ضبطًا مخالفة تستلزم التنافي، ويتعذر معها الجمع الذي لا يكون مُتَعَسّفًا (٣).


(١) مقدمة ابن الصلاح (ص: ١٩)، ولفظ ابن الصلاح: روينا عن البخاري أنه قال: " ما أدخلت في كتابي (الجامع) إلا ما صح، وتركت من الصحاح لحال الطول ".
(٢) هدي الساري مقدمة فتح الباري (ص: ١٢).
(٣) المصدر السابق (ص: ١٢).