للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(حِينَ تُوُفِّىَ أَخُوهَا) قال الشيخ زين الدين (١): فيه إشكال؛ لأن لزينب ثلاثة أخوة: عبد الله مكبرًا، وعبيد الله مصغرًا، وعبد، بغير إضافة، وهو: أبو أحمد مشهور بكنيته، وكان شاعرًا أعمى، ولا جائز أن يكون عبد الله مكبرًا؛ لأنّه استشهد بأحد، وكانت زينب إذ ذاك صغيرة جدًا لا تعقل ولا تضبط؛ لأنّ أباها ـ أبا سلمة ـ مات بعد بدر، وتزوج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أمها ـ أم سلمة ـ وهي صغيرة ترضع، كما سيأتي في الرضاع: أنّ أمّها حلت من عدتها من أبي سلمة بوضع زينب هذه، فأنتفى أن يكون هو المراد هنا، وإن كان وقع في كثير [في الموطأ] (٢) بلفظ: "حين توفي أخوها عبد الله" (٣)، كما أخرجه الدارقطني من طريق ابن وهب، وغيره عن مالك.

[٥٨ ب/س]

ولا جائزًا أيضًا أن يكون عبيدالله مصغرًا؛ فإنّه أسلم قديمًا، وهاجر بزوجته أم حبيبة بنت أبي سفيان إلى الحبشة، ثم تنصّر هناك، ومات في سنة خمس أو ست، فتزوّج النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، بعده أم حبيبة في سنة: ست أو سبع، إلا أن يقال: لا مانع أن يحزن المرء على قريبه الكافر، ولا سيما إذا تذكّر سوء مصيره، وذلك الحزن بالجبلة والطبع، فيعتذر فيه ولا يلام به، وقد بكى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، لما رأى قبر أمه توجعًا، ولعلّ الرّواية التي في "الموطأ" حين توفي أخوها عبد الله، كانت عبيد الله / بالتصغير، فلم يضبطها الكاتب.

[١٣١ أ/س]

وأما عبد، بغير إضافة: فقد جزم ابن إسحاق وغيره من أهل العلم، بالأخبار بأنّه مات بعد أخته زينب بسنة، وروى ابن سعد في ترجمتها في الطبقات من وجهين: أنّ أبا أحمد حضر جنازة زينب مع عمر - رضي الله عنه - (٤)، فأنتفى أن يكون هو المراد ويحتمل /أن يكون أخًا لزينب بنت جحش من أمها أو من الرضاع، والله أعلم (٥).


(١) بعد البحث يبدو لي أن شرح الترمذي لـ "زين الدين العراقي" لم يطبع بعد، عزاه إليه ابن حجر في فتح الباري (٣/ ١٤٧ - ١٤٨).
(٢) [من الموطآت]
(٣) موطأ الإمام مالك (رواية أبي مصعب الزهري)، مالك بن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي المدني (المتوفى: ١٧٩ هـ)، المحقق: بشار عواد معروف - محمود خليل، مؤسسة الرسالة، ١٤١٢ هـ، باب ما جاء في الإِحداد (١/ ٦٦٢) (١٧١٩) من طريق عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن حميد بن نافع، عن زينب بنت أبي سلمة، إسناده صحيح رجاله رجال الشيخين.
(٤) طبقات الكبرى (٨/ ٨٠).
(٥) فتح الباري (٣/ ١٤٧ - ١٤٨).