للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَدَعَتْ) أي: زينب بنت جحش، (بِطِيبٍ فَمَسَّتْ) وفي رواية: به (١)، أي: شيئًا من جسدها، وسيأتي في العدد "فمست منه" (٢).

(ثُمَّ قَالَتْ: مَا لِى بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ، غَيْرَ أَنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ) يقول، كما في رواية (٣): (لَا يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا).

واستدل به بعض الحنفية على وجوب إحداد المرأة على الزوج.

وقال الرافعي: في الاستدلال به نظر؛ لأنّ الاستثناء من النفي أثبات، وإنّما هو الحل على الزوج بعد الثلاث، فأين الوجوب (٤)؟

وأجيب: بأن ظاهر اللفظ وأن كان هكذا، ولكن حمل على الوجوب؛ لإجماع العلماء عليه.

فإن قيل: الحسن البصري لا يرى وجوب الإحداد؟

فالجواب: أنّه لم يصح هذا عن الحسن (٥)، قاله ابن العربي (٦).

فإن قيل: روى أحمد في مسنده من حديث أسماء بنت عميس، قالت: دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، اليوم الثالث من قتل جعفر، فقال: "لا تحدي بعد يومك هذا (٧) ".


(١) إرشاد الساري (٢/ ٣٩٨).
(٢) صحيح البخاري، كتاب الطلاق، باب تحد المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرا (٧/ ٥٩) (٥٣٣٤).
(٣) إرشاد الساري (٢/ ٣٩٨).
(٤) فتح العزيز بشرح الوجيز (١١/ ١٧٥).
(٥) عمدة القاري (٨/ ٦٧).
(٦) أحكام القرآن، القاضي محمد بن عبد الله أبو بكر بن العربي المعافري الاشبيلي المالكي (المتوفى: ٥٤٣ هـ)، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان الطبعة: الثالثة، ١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م (١/ ٢٨١). قال: فقد روي عن الحسن أنه جوز ذلك لها احتجاجا بما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «قال لأسماء بنت عميس حين مات جعفر: أمسكي ثلاثًا، ثم افعلي ما بدا لك» وهذا حديث باطل.
(٧) مسند الإمام أحمد بن حنبل، حديث أسماء بنت عميس (٤٥/ ٢٠) (٢٧٠٨٣) من طريق: محمد بن طلحة، قال: حدثنا الحكم بن عتيبة، عن عبد الله بن شداد، عن أسماء بنت عميس، وقال الإمام أحمد - كما في "الفتح" (٩/ ٤٨٧): إنه مخالف للأحاديث الصحيحة في الإحداد، قال الحافظ: وهو مصيرٌ منه إلى أنه يُعلُّه بالشذوذ. ورواه البيهقي في سننه، كتاب العدد، باب الإحداد (٧/ ٧٢٠) (١٥٥٢٣) بهذا الإسناد، وقال: لم يثبت سماع عبد الله بن شداد من أسماء، ومحمد بن طلحة ليس بالقوي.