للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الحافظ العسقلاني: وكأن البخاري ألهم هذا الخلاف فأشار إلى ترجيح الأول، حيث استشهد بالحديث الذي فيه؛ لأنّه أوّل من سنّ القتل، فإنّه يثبت ما استبعده ابن ناصر بقوله: وأيّ سّنة للميت (١).

وقال الزركشي: هذا منه، أي: من المؤلف، حمل النهي عن ذلك على أنّه يوصي بذلك فيعذب بفعل نفسه (٢).

وتعقّبه صاحب مصابيح الجامع: بأنّ الظاهر أنّ البخاري لا يعني الوصية، وإنّما يعني: العادة، يدل عليه قوله: من سنته، إذْ السنّة الطريقة والسيرة يعني: إذا كان الميت قد عود أهله أن يبكوا على من يفقدونه في حياته، وينوحوا عليه بما لا يجوز، وأقرّهم على ذلك، وأن لم يوص، فإنْ وصّى فهو أشد (٣).

(لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى): {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا (قُوا أَنْفُسَكُمْ) بترك المعاصي وفعل الطاعات، (وَأَهْلِيكُمْ) بأن تأخذوهم بما تأخذون به أنفسكم، وتنصحوهم وتؤدبوهم، وفي الحديث: "رحم الله رجلًا قال يا أهلاه: صلاتكم صيامكم زكاتكم مسكينكم يتيمكم جيرانكم، لعلّ الله يجمعهم معه في الجنة" (٤)، وقيل: إن أشدّ الناس عذابًا يوم القيامة من جهل أهله (٥).


(١) نفس المصدر: (٣/ ١٥٢).
(٢) التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح لبدر الدين الزركشيّ (٣١٤).
(٣) مصابيح الجامع، الإمام القاضي بدر الدين الدماميني، تحقيق، نور الدين طالب، إصدارات وزارة الأوقاف، قطر، ط ١، ١٤٣٠ هـ -٢٠٠٩ م (٣/ ٢٣٧).
(٤) أورد هذا الحديث في تفسير كشاف بدون سند، ولم أقف عليه في غيرها من كتب الحديث، تخريج أحاديث كشاف (٤/ ٦٦)، وقال الزيلعي: حديث غريب.
(٥) الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (المتوفى: ٥٣٨ هـ)، دار الكتاب العربي - بيروت، الطبعة: الثالثة - ١٤٠٧ هـ (٤/ ٥٦٨).