للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(نَارًا) وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: ٦]، أي: نوعًا من النار لا تتقد إلا بالناس والحجارة، كما يتقد غيرها بالحطب، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -، يعني: حجارة الكبريت، وهي أشدّ الأشياء حرًا إذا أوقد عليها (١).

ووجه الاستدلال بالآية: أنّ هذا الأمر عام في جهات الوقاية ومن جملتها أن لا يكون الأصل مولعًا بأمر منكر كالنوح مثلًا، فإذا كان مولعًا به فأهله يقتدون به، فهو صار سببًا لفعل أهله ذلك المنكر، فما وقى أهله من النار، فخالف الأمر فيعذب بذلك، وكذا إذا عرف أنّ لأهله عادة بفعل منكر من نوح أو غيره، وأهمل نهيهم عنه فيكون لم يَقِ نفسه ولا أهله (٢).

[١٣٥ أ/س]

(وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -:) مما تقدّم موصولًا في حديث لابن عمر - رضي الله عنهما -، في الجمعة (٣)، (كُلُّكُمْ رَاعٍ) وهو: الحافظ المؤتمن الملتزم لصلاح ما قام عليه وما هو تحت نظره، فكلّ من /كان تحت نظره شيء فهو مطلوب بالعدل فيه، والقيام بمصالحه في دينه ودنياه، فإن وفّى ما عليه من الرعاية حصل له الحظ الأوفر والجزاء الأكبر، وإنْ كان غير ذلك طالبه كل أحد من رعيته بحقه.

(وَمَسْئُولٌ) في الآخرة (عَنْ رَعِيَّتِهِ) هل وفى حقوقهم أو لا، ووجه الاستدلال به: أنّ الرجل إذا كان راعيًا لأهله وجاء منه منكر يتبعه أهله على ذلك، أو رآهم يفعلون منكرًا ولم ينههم عن ذلك، فإنّه يسأل عنه يوم القيامة؛ لأنّ ذلك كان من سنته.

فإن قيل: كيف استدلّ البخاري بهذه الآية، والحديث على ما ذهب إليه من حمل حديث الباب عليه من تعذيب الميت ببعض بكاء أهله، إذا كان من سنته، فإن الآية والحديث يقتضيان العموم؟


(١) معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي، محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي (المتوفى: ٥١٠ هـ)، المحقق: عبد الرزاق المهدي، الناشر: دار إحياء التراث العربي -بيروت، الطبعة: الأولى، ١٤٢٠ هـ (١/ ٩٤).
(٢) فتح الباري (٣/ ١٥٢).
(٣) صحيح البخاري، كتاب الجمعة، باب الجمعة في القرى والمدن (٢/ ٥) (٨٩٣).