للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تعذبوا موتاكم"، وهذا طرف من حديث طويل حسن الإسناد، أخرجه ابن أبي خيثمة وابن أبي شيبة /والطبراني، وغيرهم (١).

[٦٤ ب/ص]

[١٤٦ أ/ص]

قال ابن المرابط: حديث قيْلة نصّ في المسألة، فلا يعدل عنه، واعترض عليه ابن رشيد بأنه ليس نصًا، وإنما هو يحتمل فإن قوله: "فيستعبر إليه صويحبه"، ليس نصًا في أن المراد به الميّت، بل يحتمل أن يراد به صاحبه الحي، وأن الميّت يعذب حينئذ ببكاء الجماعة عليه، ويحتمل أن يجمع بين هذه التأويلات والتوجيهات فتنزل على الاختلاف الأشخاص، بأن يقال مثلًا: من كانت طريقته النوح فمشى أهله /على طريقته أو أوصاهم بذلك عذب بصنيعه، ومن كان ظالمًا فندب بأفعاله الجائرة عذّب بما ندب به، ومن كان يعرف من أهله النياحة وأهمل نهيهم عنها، فإن كان راضيًا بذلك التحق بالأول، وإن كان غير راض عذب بالتوبيخ لم أهمل النهي، ومن سلِم من ذلك كله واحتاط فنهى أهله عن المعصية ثم خالفوه وفعلوا ذلك كان تعذيبه تأمله بما يراه منهم من مخالفة أمره وإقدامهم على معصية ربهم (٢).

وقال الكرماني: جاز التعذيب بفعل الغير في الدنيا لقوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: ٢٥] وكذا في عالم البرزخ، وأما آية [الوزارة] (٣) فإنّها في القيامة فقط، وحسّنه في توجيه الحديث، والله أعلم (٤).


(١) حديث قيلة ذكره الحافظ في الإصابة في تمييز الصحابة، أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني (المتوفى: ٨٥٢ هـ) تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وعلى محمد معوض، دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة: الأولى - ١٤١٥ هـ (٨/ ٢٨٨ - ٢٩٢) ونسبه للطبراني وابن منده، وساقه بطوله من لفظ ابن منده، وذكر أن البخاري -أيضًا- أخرج طرفًا منه في الأدب المفرد. وساقه الهيثمي في "مجمع الزوائد" (المتوفى: ٨٠٧ هـ)، حسام الدين القدسي، مكتبة القدسي، القاهرة، ١٤١٤ هـ، ١٩٩٤ م (٦/ ٩ - ١٢) بطوله، وقال: رواه الطبراني ورجاله ثقات.
(٢) فتح الباري (٣/ ١٥٦).
(٣) [الوازرة].
(٤) الكواكب الدراري (٧/ ٨٦).