للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(تذييل) قد أوّل بعضهم قوله: "ببكاء أهله" على أنّ الباء للحال، لا بمعني السبب أي: أن ابتداء عذاب الميت يقع عند البكاء أهله عليه، وذلك أنّ شدة بكائهم غالبًا إنما يقع عند دفنه، وفي تلك الحالة يسأل ويبتدأ به عذاب القبر وكان معنى الحديث: أن الميت يعذب حالة بكاء أهله عليه، ولا يلزم من ذلك أن يكون بكاؤهم سببًا لتعذيبه، حكاه الخطابي (١).

ولا يخفى ما فيه من التكلف، ولعل قائله أخذ من قول عائشة - رضي الله عنها -: "إنما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنه ليعذب بمعصيته أو بذنبه، وإنّ أهله يبكون عليه الآن" (٢)، أخرجه مسلم من طريق هشام بن عروة، عن أبيه عنها - رضي الله عنها -.

وعلى هذا يكون خاصًا ببعض الموتى، وهم الذين وجب عليهم العذاب بذنوب اقترحوها، وجرى من قضاء الله سبحانه فيهم أن يكون عذابه وقت البكاء عليهم لاستحقاقهم ذلك بذنوبهم، ويكون ذلك حالًا لا سببًا؛ لمخالفته القران هذا.

[١٤٧ أ/س]

وأوّله بعضهم على أن الراوي سمع بعض الحديث ولم يسمع بعضه /وأنّ اللام في الميّت لمعهود معين، كما جزم به القاضي أبو بكر الباقلاني وغيره، وحجّتهم ما في رواية عمرة، عن عائشة - رضي الله عنها -، (٣) وهو رابع أحاديث الباب، وقد رواه مسلم من الوجه الذي أخرجه منه البخاري، وزاد في أوّله ذكر لعائشة - رضي الله عنها -: أنّ ابن عمر - رضي الله عنهما -، يقول: "إنّ الميّت ليعذّب ببكاء الحي عليه، فقالت عائشة - رضي الله عنها -: يغفر الله لأبي عبدالرحمن، أما أنّه لم يكذب، ولكنه نسي أو أخطأ، إنما مرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، على يهودية. . . " (٤)، فذكرت الحديث.

وأوّله بعضهم على أنَّ ذلك مختص بالكافر، وأنّ المؤمن لا يعذب بذنب غيره أصلًا، وهو ظاهر من رواية ابن عباس عن، عائشة - رضي الله عنهم -، وهو ثالث أحاديث الباب، وفيها إشعار بأنّها لم ترد الحديث بحديث آخر، بل بما استشعرت هي من معارضة القران، قال الداودي: رواية ابن عباس عن


(١) معالم السنن (١/ ٣٠٤).
(٢) صحيح مسلم، كتاب الجنائز باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه (٢/ ٦٤٣)، (٩٣٢).
(٣) [- رضي الله عنها -] سقط في ب.
(٤) صحيح مسلم، كتاب الجنائز باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه (٢/ ٦٤٣)، (٩٣٢).