للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الحافظ العسقلاني: ويظهر لي أن هذا النفي يفسره التَّبرِّي الآتي في حديث أبي موسى - رضي الله عنه -، بعد باب حيث قال: "أنا برئ ممن برء منه - صلى الله عليه وسلم - " وأصل البراءة الانفصال من الشيء، فكأنّه توعده بأن لا يدخله في شفاعته مثلًا، وهذا يدلّ على تحريم ما ذكر في الحديث، من لطم الخدود وشق الجيوب، وغيرهما، وكأنّ السبب في ذلك ما تضمنه ذلك من عدم الرضى بالقضاء، فإن وقع التصريح بالاستحلال مع العلم بالتحريم، أو التسخط مثلًا بما وقع، فلا مانع من حمله على الإخراج من الدين. (١)

(مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ) ويروي: "من ضرب الخدود" (٢)، وهو: جمع خدّ، وإنما جمع، وإن كان ليس للإنسان إلا خدان، باعتبار عموم "من" أو هو على حد قوله تعالى {وَأَطْرَافَ النَّهَارِ} [طه: ١٣٠] وقول العرب: شابت مفارقه، وليس له إلا مفرق واحد، وخص الخد بذلك؛ لكون اللطم أو الضرب يقع غالبًا في الخد وإلا فضرب بقية الوجوه كذلك (٣).

(وَشَقَّ الْجُيُوبَ) بضم الجيم، جمع جيب، وهو: ما يفتح من الثوب ليدخل فيه الرأس، من جابه إذا قطعه، وقال الحافظ العسقلاني: المراد بشقه إكمال فتحه إلى آخره، وهي من علامات التسخط (٤).

وتعقبه العيني: بأن الشقّ أعم من ذلك، فإذا شق جيبه من ورائه أو يمينه أو يساره، يكون داخلًا فيه أيضًا (٥).

[١٥١ أ/ص]

(وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ) وهي: زمان الفترة قبل الإسلام، وفي رواية مسلم "بدعوى أهل الجاهلية" (٦)، أي: من النياحة وغيرها، وكذا الندبة كقولهم: "واجبلاه"، وكذا الدعاء بالويل والثبور/.


(١) فتح الباري (٣/ ١٦٣).
(٢) إرشاد الساري (٢/ ٤٠٦).
(٣) عمدة القاري (٨/ ٨٧).
(٤) فتح الباري (٣/ ١٦٣).
(٥) عمدة القاري (٨/ ٨٧).
(٦) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية (١/ ٩٩)، (١٠٣)