للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يجمع ذلك كله، ويزيد عليه إظهاره في مطعمه وملبسه، ومنهم من يكون حاله في المصيبة، وقبلها سواء، فأيّهم المستحق لاسم الصبر؟

قلت: قد أختلف الناس في ذلك, فقال بعضهم: المستحقّ لاسم الصبر هو: الذي يكون حاله عند المصيبة مثلها قبلها، ولا يظهر عليه حزن في جارحة ولا لسان, كما زعمت الصوفية: أنّ الولي لا يتم له الولاية إلا إذا تم له الرضى بالقدر, ولا يحزن على شيء, والنّاس في هذا الحال يختلفون، فمنهم من في قلبه الجلد وقلة المبالاة بالمصائب، ومنهم من هو بخلاف ذلك، فالذي يكون في طبعه الجزع، ويملك نفسه، ويستشعر للصبر, أعظم أجرًا من الذي يتجلّد.

[١٥٩ أ/س]

قال الطبري: روى عن ابن مسعود - رضي الله عنه -: أنّه لما نعي أخوه عتبة، قال: لقد كان /من أعز الناس عليّ، وما يسرني أنه بين أظهركم اليوم حيًا، قالوا: وكيف وهو من أعز الناس عليك؟ قال: إني لأنْ أوجر فيه أحبُّ إليّ من أن يؤجر فيّ (١).

وقال ثابت: إنّ أصلة بن أشيم مات أخوه, فجاء رجل، وهو يطعم، فقال: يا أبا الصهباء، إنّ أخاك مات, قال: هلمّ فكلّ قد نعى إلينا, قال: والله ما سبقني إليك أحد ممن نعاه, قال: يقول الله عز وجل: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (٣٠)} [الزُّمَر: ٣٠] (٢)

وقال الشعبي: كان شريح يدفن جنائز ليلًا, فيأتيه الرّجل حين يصبح فيسأله عن المريض، فيقول: هدأ (٣) لله الشكر، وأرجو أن يكون مستريحًا (٤).


(١) شرح صحيح البخارى لابن بطال (٣/ ٢٨٣)، من طريق جرير، عن المغيرة، عن إبراهيم التيمي.
(٢) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، فمن الطبقة الأولى من التابعين، صلة بن أشيم العدوي ومنهم أبو الصهباء صلة بن أشيم العدوي، (٢/ ٢٣٨)، عفان قال: ثنا حماد بن سلمة، قال: أخبرنا ثابت، وأخرجه البيهقى في شعب الإيمان (١٢/ ٤٣٧) (٩٦٩٥) من طريق عبد الله بن المبارك، عن حماد بن سلمة، عن ثابت البناني.
(٣) هدأ سقط من ب
(٤) مصنف عبد الرزاق، كتاب الجنائز، باب الدفن بالليل (٣/ ٥٢١)، (٦٥٥٧_ ٦٥٥٨)، من طريق ابن عيينة، عن عاصم الأحول قال: كان شريح. . . . . .