للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والعلاوة: الغرارة التي توضع في وسط العدلين مملوءة، فكما حملت هذه الراحلة [وسعها] (١) , فإنّها لم يبق موضع يحمل عليه، فكذلك الصابر أعطى أجره وافرًا وافيًا كاملًا, قاله الداودي (٢).

(الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ) مما يصيب الإنسان من مكروه, (قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ) عبيدًا وملكًا, (وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) [البقرة: ١٥٦] في الآخرة, فلا يضيع عمل عامل, وليس الصبر المذكور في قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (١٥٥)} [البقرة: ١٥٥] الاسترجاع باللسان فقط, بل وبالقلب, بأنّ يتصور ما خلق له وأنّه راجع إلى ربه, ويتذكر نعمه عليه ليرى ما أبقى عليه أضعاف ما استرد منه؛ ليهون على نفسه ويستسلم, والمبشّر به محذوف يدلّ عليه قوله: (أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ) أي: مغفرة أو ثناء, (مِنْ رَبِّهِمْ)

قال أبو الليث: الصلاة من الله تعالى ثلاثة أشياء: توفيق الطاعة، والعصمة عن المعصية، ومغفرة الذنوب، فبالصّلاة الواحدة تكون لهم هذه الثلاثة، فقد وعد الله لهم الصلوات الكثيرة، فمقدار ذلك لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى (٣).

(وَرَحْمَةٌ) لطف عظيم, وإحسان جسيم, (وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) [البقرة: ١٥٧] للحق والصواب, حيث استرجعوا واستسلموا لقضاء الله تعالى.

قال المهلب: العدلان الصلوات والرحمة والعلاوة, أولئك هم المهتدون (٤).

ورواه الحاكم في روايته المذكورة موصولًا عن عمر - رضي الله عنه - , بلفظ: "أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة, نعم العدلان, وأولئك هم المهتدون نعم العلاوة" (٥) , وكذا اخرجه البيهقي عن الحاكم (٦) , واخرجه عبد بن حميد في "تفسيره" من وجه آخر.


(١) [وسقاءها]
(٢) عمدة القاري (٨/ ١٠٠).
(٣) تفسير السمرقندي (١/ ١٠٦).
(٤) الْمُخْتَصَرُ النَّصِيحُ فِي تَهْذِيبِ الْكِتَابِ الْجَامِعِ الْصَّحِيحِ (٢/ ١٠).
(٥) المستدرك على الصحيحين، كتاب التفسير (٢/ ٢٩٦)، (٣٠٦٨)، من طريق عن منصور، عن مجاهد، عن سعيد بن المسيب، عن عمر، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ولا أعلم خلافًا بين أئمتنا أن سعيد بن المسيب أدرك أيام عمر رضي الله عنه، وإنما اختلفوا في سماعه منه» وقال الذهبي: على شرط البخاري ومسلم.
(٦) السنن الكبرى للبيهقي، جماع أبواب البكاء على الميت، باب ما ينهى عنه من الدعاء بدعوى الجاهلية (٤/ ١٠٨) (٧١٢٦) بإسناد المذكور، عند الحاكم.