للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فإن قيل: كيف يثبت النسخ بالإجماع؟ والنسخ لا يكون إلا في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - والإجماع لا يكون إلا بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -؟

[١٨٠ أ/ص]

فالجواب: أنه قد جوزه بعض مشايخنا بطريق الإجماع بناء على الإجماع يوجب علم اليقين كالنص، فيجوز أن يثبت به ما يثبت بالنص، والإجماع في كونه حجة أقوى من الخبر المشهور، فإذا كان النسخ يجوز بالخبر المشهور فجوازه بالإجماع أولى، على أن ذلك الإجماع منهم إنما كان على ما استقر عليه آخر أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي قد رفع كل ما كان قبله مما يخالفه، فصار الإجماع مظهرًا لما قد كان في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى قال بعضهم: إن حديث النجاشي هو الناسخ؛ لأنه مخرج في الصحيحين من رواية أبي هريرة - رضي الله عنه -، قالوا: / وأبو هريرة - رضي الله عنه - متأخر الإسلام، وموت النجاشي كان بعد إسلام أبي هريرة - رضي الله عنه - (١).

ومما يؤيد هذا ما رواه قاسم بن أصبغ من حديث أبي بكر بن سليمان بن أبي خيثمة عن أبيه، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكبر على الجنائز أربعًا وخمسًا وستًا وسبعًا وثمانيًا، حتى مات النجاشي فخرج إلى المصلى فصف الناس من ورائه فكبر عليه أربعًا، ثم ثبت النبي - صلى الله عليه وسلم - على أربع حتى وفاه الله عز وجل (٢)

قَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ - رحمه الله -:

١٣٢٠ - حَدَّثَنَا إبراهيم بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابن جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ: قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «قَدْ


(١) عمدة القاري (٨/ ١١٧).
(٢) الاستذكار (٣/ ٣٠)، من طريق قاسم بن أصبغ، عن عبد الله بن الحارث عن أبي بكر بن سليمان بن أبي خيثمة عن أبيه، فيه: سليمان بن أبي حثمة المدني، وهو مجهول الحال، وقال ابن عبد البر في الاستيعاب (٢/ ٦٤٩) (١٠٥٥): وهو معدود في كبار التابعين، وعد وقال ابن حبان في (الثقات) (٣/ ١٦١) (٥٣٠): له صحبة.