للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال العيني: قول النووي: "لا حجة فيه" غير صريح؛ لأن تعليله بقوله: لأن الممتنع. . . إلى آخره، يرد قوله لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل مجرد الصلاة على النجاشي مع كونه غائبًا، فدل على المنع وإن لم يكن الميت في المسجد، وقوله: حتى لو كان الميت. . . . إلى آخره، على تعليل من يعلل منع الصلاة على الميت في المسجد بخوف التلويث له من الميت، وأما بالنظر إلى مطلق حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: "من صلى على الجنازة في المسجد فلا شيء له" (١)، فالمنع مطلق (٢)، هذا وأنت خبير بما فيه.

ثم قال- أي: العيني-: وقول ابن بزيزة ليس فيه صيغة نهي. . . إلخ مردود أيضًا؛ لأن إثبات منع شيء غير مقتصر على الصيغة، وتعليله بالاحتمال غير مفيد لدعواه، وأما صلاته - صلى الله عليه وسلم - على سهيل فلا ننكرها (٣)، غير أن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الذي رواه أبو داود عنه أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له" (٤) وأخرجه ابن ماجه أيضًا ولفظه: "ليس له شيء" (٥) وقال الخطيب المحفوظ: "فلا شيء له" ويروي: "فلا شيء عليه" وروي: "فلا أجر له" (٦).

[١٨١ أ/ص]

وقد نسخ حديث عائشة - رضي الله عنها -: بيانه أن حديث عائشة - رضي الله عنها - إخبار عن فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حال الإباحة التي لم يتقدمها نهي، وحديث أبي هريرة إخبار عن نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي قد تقدمته الإباحة، فصار حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ناسخًا ويؤيده إنكار الصحابة - رضي الله عنهم - على عائشة - رضي الله عنها - / لأنهم كانوا علموا في ذلك خلاف ما علمت، ولولا ذلك ما أنكروا ذلك


(١) سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب الصلاة على الجنازة في المسجد (٣/ ٢٠٧) (٣١٨٩)، تقدم تخريجه في (ص: ١٨١).
(٢) عمدة القاري (٨/ ١١٧).
(٣) عمدة القاري (٨/ ١١٧).
(٤) سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب الصلاة على الجنازة في المسجد (٣/ ٢٠٧) (٣١٨٩)، تقدم تخريجه في (ص:٢٣٦).
(٥) سنن ابن ماجه: كتاب الجنائز، باب ما جاء في الصلاة على الجنائز في المسجد (١/ ٤٨٦) (١٥١٧)، تقدم تخريجه في (ص: ٢٣٦).
(٦) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (٢١/ ٢٢١).