للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فإن قيل: روى مسلم من حديث جابر بن عبدالله - رضي الله عنه -، يحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، خطب يومًا، فذكر رجلًا من أصحابه قبض فكفن غير طائل، وقبر ليلًا، فزجر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلي عليه، إلا أن يضطر إنسان في ذلك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إذا كفن أحدكم أخاه، فليحسن كفنه"ورواه أبو داود والنسائي (١) أيضًا.

فالجواب: أنه يحتمل أن يكون نهى عن ذلك أولًا ثم رخصه، وقال النووي: المنهي عنه الدفن قبل الصلاة. (٢)

[١٨٤ أ/س]

وتعقبه العيني: بأن الدفن قبل الصلاة منهي عنه مطلقًا، سواء كان بالليل وبالنهار، والظاهر أنه نهى عن الدفن بالليل، / ولو كان بعد الصلاة، يؤيد ذلك ما رواه ابن ماجه في سننه من حديث أبي الزبير، عن جابر - رضي الله عنه -، قال: قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: "لا تدفنوا موتاكم بالليل إلا أن تضطروا، (٣).

[٨٠ ب/ص]

ولكن يشكل على هذا أن الخلفاء الأربعة دفنوا ليلًا وفي حديث عائشة - رضي الله عنها - "ودفن - أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يصبح" (٤) وفي المغازي للواقدي عن عمرة عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ما علمنا بدفن النبي - صلى الله عليه وسلم - / حتى سمعنا صوت المساحي في السحر ليلة الثلاثاء (٥) وفي رواية أحمد: "ودفن ليلة الأربعاء" (٦) والله أعلم.


(١) صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب في تحسين كفن الميت (٢/ ٦٥١) (٩٤٣) * السنن الصغرى للنسائي، كتاب الجنائز، الأمر بتحسين الكفن (٤/ ٣٣) (١٨٩٥) * سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب في الكفن (٣/ ١٩٨) (٣١٤٨).
(٢) المجموع (٥/ ٣٠٢)
(٣) سنن ابن ماجة، كتاب الجنائز، باب ما جاء في الأوقات التي لا يصلى فيها على الميت ولا يدفن (١/ ٤٨٧) (١٥٢١)، من طريق عمرو بن عبد الله الأودي، حدثنا وكيع، عن إبراهيم بن يزيد المكي، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله. إسناده ضعيف، إبراهيم بن يزيد المكي متروك ترجمته في تقريب التهذيب (ص: ٩٥) (٢٧٢)؛ لكن له شاهد في صحيح مسلم (٢/ ٦٥١) (٩٤٣).
(٤) صحيح البخاري (٢/ ١٠٢) (١٣٨٧).
(٥) الطبقات الكبرى، ذكر دفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢/ ٢٣٣).
(٦) مسند الإمام أحمد بن حنبل، مسند الصديقة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها (٤١/ ٣٠٠) (٢٤٧٩٠)، ابن إسحاق، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، إسناده حسن رجاله رجال البخاري عدا ابن إسحاق القرشي صدوق يدلس، روى له البخاري تعليقًا. وقال ابن عبد البر في "التمهيد" (٢٤/ ٣٩٦): وأما دفنه يوم الثلاثاء فمختلف فيه، فمن أهل العلم بالسير من يصحح ذلك على ما قال مالك، ومنهم من يقول: دفن ليلة الأربعاء وقد جاء الوجهان في أحاديث بأسانيد صحيحة.