للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال النووي وغيره: لا يلزم من ذكر القيراط في الحديثين تساويهما؛ لأن عادة الشارع تعظيم الحسنات وتخفيف مقابلها (١).

[١٩٠ أ/ص]

وقال ابن العربي: / الذرة جزء من ألف وأربعة وعشرين جزءًا من حبة، والحبة ثلث القيراط، والذرة تخرج من النار فكيف بالقيراط؟ قال: وهذا قدر قيراط الحسنات.

وقال غيره: القيراط في اقتناء الكلب جزء من أجزاء عمل المقتنى له في ذلك اليوم. هذا والأكثر إلى أن المراد بالقيراط في حديث الباب جزء من أجزاء معلومة عند الله، وقد قربها النبي - صلى الله عليه وسلم - للفهم بتمثيله القيراط بأحد (٢).

وقال الطيبي: قوله: "مثل أحد" تفسير للمقصود من الكلام، لا للفظ القيراط. والمراد منه أنه يرجع بنصيب كبير من الأجر؛ وذلك لأن لفظ القيراط مبهم من وجهين، فبين الموزون بقوله: "من الأجر" وبين المقدار المراد منه بقوله: " مثل أحد" وهذا تمثيل واستعارة، ويجوز أن يكون حقيقة بأن يجعل الله عمله ذلك يوم القيامة في صورة عين توزن كما توزن الأجسام، ويكون قدر هذا كقدر أحد (٣).

وقال الزين بن المنير: أراد تعظيم الثواب فمَثَّله للعيان بأعظم الجبال خلقًا وأكثرها في النفوس المؤمنة حبًا؛ لأنه الذي قال في حقِّه - صلى الله عليه وسلم - إنه جبل يحبنا ونحبه. انتهى. والوجه الثاني ظاهر، وأما الأول ففيه نظر وقال الحافظ العسقلاني: مثله به لأنه قريب من المخاطبين يشترك أكثرهم في معرفته؛ فلذا خصه بالتمثيل (٤) والله أعلم.

(فَقَالَ) أي: ابن عمر - رضي الله عنهما - (أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَيْنَا) أي: في ذكر الأجر أو في رواية الحديث، كأنه خاف لكثرة رواياته أنه اشتبه عليه الأمر فيه، لا أنه نسبه إلى رواية مالم يسمع؛ لأن مرتبتهما أجل من ذلك. وقال ابن التين: لم يتهمه ابن عمر - رضي الله عنهما -؛ بل خشي عليه السهو


(١) شرح صحيح مسلم للنووي (٧/ ١٤).
(٢) فتح الباري (٣/ ١٩٤).
(٣) الكاشف عن حقائق السنن (٤/ ١٩٩٢).
(٤) فتح الباري (٣/ ١٩٥).