للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(ويُمَجِّسَانِهِ) ويروي: أو يمجسانه (كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ». ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ}) [الروم: ٣٠].

استشكل هذا مع كون الأبوين يهودانه مثلًا. وأجيب بأنه ليس إخبارًا محضًا؛ بل هو مؤول بأن يقال: ما ينبغي أن يبدل ومن شأنه ألَّا يبدل، أو يقال: إن المعنى على النهي أي: لا تبدلوا خلق الله تعالى. (ذَلِكَ) إشارة إلى الدين المأمور بإقامة الوجه له في قوله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ} أو الفطرة إن فسرت بالملة (الدِّينُ الْقَيِّمُ) المستقيم المستوي الذي لا عوج فيه (١).

والمراد من ذكر هذا الطريق الإشارة إلى أن الحديث وصل إليه من هذا الطريق أيضًا, وفيه زيادة قوله {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}

ثم إن العلماء اختلفوا في معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: " كل مولود يولد على الفطرة".

فقالت طائفة: ليس معناه عامًا، بمعنى أن جميع المولودين من بني آدم أجمعين يولدون على الفطرة؛ بل معناه أن كل من ولد على الفطرة وكان له أبوان على غير الإسلام هوداه ونصراه (٢).

واحتجوا على ذلك بحديث أُبَيِّ بن كعب - رضي الله عنه - قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: الغلام الذي قتله الخضر طبعه الله يوم طبعه كافرا" (٣).

[١٠٦ ب/س]

وبما رواه سعيدبن منصور عن حماد بن زيد عن علي بن زيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد - رضي الله عنه - يرفعه: " ألا إن بني آدم خلقوا طبقات /؛ فمنهم من يولد مؤمنًا ويحيى مؤمنًا ويموت مؤمنًا، ومنهم

من يولد كافرًا ويحيى كافرًا ويموت كافرًا، ومنهم من يولد مؤمنًا ويموت كافرًا، ومنهم من يولد كافرًا ويحيى كافرًا ويموت مؤمنًا" (٤).


(١) إرشاد الساري (٢/ ٤٥١).
(٢) الاستذكار (٣/ ٩٨).
(٣) صحيح مسلم، كتاب القدر، باب معنى كل مولود يولد على الفطرة وحكم موت أطفال الكفار وأطفال المسلمين (٤/ ٢٠٥٠) (٢٦٦١)
(٤) سنن الترمذي، أبواب الفتن، باب ما جاء ما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بما هو كائن إلى يوم القيامة (٤/ ٤٨٣) (٢١٩١) وقال: وهذا حديث حسن. وأخرجه الحاكم في "المستدرك على الصحيحين"، كتاب الفتن والملاحم، (٤/ ٥٥١) (٨٥٤٣) بهذا الإسناد. وقال" هذا حديث تفرد بهذه السياقة علي بن زيد بن جدعان القرشي، عن أبي نضرة. والشيخان - رضي الله عنهما - لم يحتجا بعلي بن زيد " وقال الذهبي: ابن جدعان صالح الحديث، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح.