للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[٢٤٢ أ/س]

قالوا: ففي هذا وفي غلام الخضر ما يدل على أن الحديث ليس على عمومه. وأورد عليهم قوله - صلى الله عليه وسلم -: " كل بني آدم يولد على الفطرة" / وأجابوا بأنه غير صحيح, ولو صح فليس فيه حجة لجواز الخصوص، كما في قوله تعالى {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} [الأحقاف: ٢٥] لم تدمر السماء والأرض وقوله {فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام: ٤٤] ولم يفتح عليهم أبواب الرحمة (١).

وقال آخرون: معنى الحديث على العموم؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كل بني آدم يولد على الفطرة" ,ولحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعا: "الله أعلم بما كانوا عاملين" (٢) ,ولحديث إبراهيم عليه الصلاة والسلام: "والولدان حوله أولاد الناس. . . " (٣).

فهذه كلها تدل على أن المعنى: الجميع يولدون على الفطرة، وضعفوا حديث سعيد بن منصور بوجهين الأول: أن في سنده ابن جدعان (٤).

والثاني: أنه لا يعارض دعوى العموم؛ لأن الأقسام الأربعة راجعة إلى علم الله تعالى, فإنه قد يولد الولد بين مؤمنين، والعياذ بالله يكون قد سبق في علمه تعالى غير ذلك، وكذا من ولد بين

كافرين، وإلى هذا يرجع غلام الخضر (٥). ويكفي في الرد عليهم حديث أبي صالح عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: "ليس مولود يولد إلا على الفطرة" اخرجه مسلم (٦).

ثم إنهم اختلفوا في الفطرة المذكورة فذكر أبو عبيد عن محمد بن الحسن أنه "قبل أن يؤمر الناس بالجهاد" (٧).


(١) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (١٨/ ٦٢).
(٢) صحيح البخاري، كتاب القدر، باب: الله أعلم بما كانوا عاملين (٨/ ١٢٣) (٦٥٩٨).
(٣) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب ما قيل في أولاد المشركين (٢/ ١٠٠) (١٣٨٦).
(٤) وقال الحاكم في المستدرك: " هذا حديث تفرد بهذه السياقة علي بن زيد بن جدعان القرشي، عن أبي نضرة. والشيخان - رضي الله عنهما - لم يحتجا بعلي بن زيد "
(٥) التوضيح (١٠/ ١٠٣)، وعمدة القاري (٨/ ١٧٨).
(٦) صحيح مسلم، كتاب القدر، باب معنى كل مولود يولد على الفطرة وحكم موت أطفال الكفار وأطفال المسلمين (٤/ ٢٠٤٧) (٢٦٥٨). بلفظ: "ما من مولود إلا يولد على الفطرة"
(٧) غريب الحديث (٢/ ٢١). التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (١٨/ ٦٧). .