للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(تتمة) قال الداودي: إن المعتبر في ذلك شهادة أهل الفضل والصدق لا الفسقة؛ لأنهم قد يثنون على الفسقة، ولا من بينه وبين الميت عداوة، لأن شهادة العدو لا تقبل في الدنيا وكذا في الآخرى (١).

فإن قيل: كيف يجوز ذكر شر الموتى مع ورود الحديث الصحيح عن زيد بن أرقم في النهي عن سب الموتى وعن ذكرهم إلا بخير؟!

فالجواب أن النهي عن سب الموتى إذا كان الميت غير منافق أو كافر أو مجاهر بالفسق أو بالبدعة فإن هؤلاء لا يحرم ذكرهم بالشر؛ للحذر عن طريقهم ومن الاقتداء بهم (٢).

وقال القرطبي: يحتمل أن يكون النهي عن سب الموتى متأخرًا عن هذا الحديث فيكون ناسخًا (٣).

وقيل: حديث أنس - رضي الله عنه - المذكور يجرى مجرى الغيبة في الأحياء فإن كان الرجل أغلب أحواله الخير, فاغتيابه محرم وإن كان فاسقًا معلنًا فلا غيبة له, فكذلك الميت, فليس ذلك مما ينهي عنه من سب الأموات, والحق في ذلك أن ينظر في السَّبب المبيح للغيبة إن كان قد انقطع بالموت فهذا لا يذكر في حق الميت، لأنه قد انقطع ذلك بموته، وإن لم ينقطع به مثل كونه مجروحًا في الرواية وكونه يؤخذ عنه الباطل اعتقادًا فلا بأس بذكره ليحذر ويجتنب عنه. والله أعلم (٤).

وقال المظهري: في شرح المصابيح (٥) ليس معنى قوله: "أنتم شهداء الله على الأرض" أي: الذي تقولونه في حق شخص يكون كذلك حتى يصير من يستحق الجنة من أهل النار بقولهم ولا العكس؛ بل معناه: أن الذين أثنوا عليه خيرًا [رأوه] (٦) منه ,كان ذلك علامة كونه من أهل الجنة وبالعكس.

[٢٥٦ أ/ص]


(١) فتح الباري (٣/ ٢٣١)، [الآخرة].
(٢) فتح الباري (٨/ ١٩٥).
(٣) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (٢/ ٦٠٨)
(٤) عمدة القاري (٨/ ١٩٨).
(٥) المفاتيح في شرح المصابيح / تأليف مظهر الدين الحسن بن محمود بن الحسن الزيداني المظهري الكوفي (٧٢٧ هـ.)؛ تحقيق ودراسة لجنة مختصة من المحقيقين بإشراف نور الدين طالب.
(٦) رأوا