للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والحكمة في عدم سماع الثقلين أنهم إذا سمعوا ذلك لما تدافنوا، ثم الحكمة في أن الله تعالى يُسمع الجن قول الميت: قدموني، ولا يُسمعهم صوته إذا عذِّب، أنّ كلامه قبل الدفن متعلق بأحكام الدنيا, وصوته إذا عذب متعلق بأحكام الآخرة, وقد أخفى الله عن المكلفين /أحوال الآخرة إلا من شاء الله تعالى (١).

[٢٦٨ أ/س]

وفي أحاديث الباب من الفوائد: إثبات عذاب القبر، وأنه واقع على الكفار ومن شاء الله تعالى من الموحدين، وقد صح أن المرابط في سبيل الله لا يفتن، كما في حديث مسلم وغيره (٢)، كشهيد المعركة، والصابر في الطاعون الذي لم يخرج من البلد الذي يقع به قاصدًا بإقامته ثواب الله، راجيًا صدق موعوده، عارفًا أنه إن وقع له فهو بتقدير الله تعالى، وإن صرف عنه فبتقديره تعالى أيضًا، غير متضجر به لو وقع، معتمدًا على ربه في الحالتين؛ لحديث البخاري والنسائي، عن عائشة - رضي الله عنها - مرفوعًا: "فليس من رجل يقع الطاعون، فيمكث في بلده صابرًا محتسبًا، يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب (٣) له، إلا كان له مثل أجر الشهيد" (٤).

/ وجه الدلالة أن الصابر في الطاعون، المتصف بالصفات المذكورة، نظير المرابط في سبيل الله. وقد صح أن المرابط لا يفتن، ومن مات في الطاعون فهو أولى.

[١١٧ ب/ص]

فإن قيل: هل المساءلة تختص بهذه الأمة؟ أو عامة على جميع الأمم؟.

فالجواب: أن ظاهر الحديث الأول, وبه جزم الحكيم الترمذي, وقال: كانت الأمم قبل هذه الأمة يأتيهم الرسل فإن أطاعوا فذاك وإن أبوا اعتزلوهم وعوجلوا بالعذاب, فلما أرسل الله نبينا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - رحمة للعالمين أمسك عنهم العذاب, وقَبِلَ الإسلام ممن أظهره سواء أسر الكفر أو لا,


(١) فتح الباري (٣/ ٢٤٠).
(٢) صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الرباط في سبيل الله عز وجل (٣/ ١٥٢٠) (١٩١٣) بلفظ: «رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقه، وأمن الفتان».
(٣) [الله] سقط من أصل البخاري
(٤) صحيح البخاري، كتاب الطب، باب أجر الصابر في الطاعون (٧/ ١٣١) (٥٧٣٤) * السنن الكبرى، كتاب الطب ثواب الصابر في الطاعون (٧/ ٦٨) (٧٤٨٥).