للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابنَه {فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي} [هود: ٤٥]، فقال اللَّه له: إِنَّهُ ليس مِن أهلِك؛ لِأَنَّهُ كافر وأنتَ مؤمِنٌ.

وَقَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ} بعدَهم {آيَةً} عِبرةً {وَأَعْتَدْنَا} في الآخِرة {لِلظَّالِمِينَ} الكافرينَ {عَذَابًا أَلِيمًا}].

يقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ} بعدهم {آيَةً} عِبرة]، كيف كانوا عبرةً؛ لِأَنَّ الآية لا بدَّ أن تكون معلومة، فكيف كان ذلك؟ عن طَريق الخبرِ، سواء كان عن طَريق الوحي أو عن طَريقِ النقلِ بين النَّاسِ، وأيضًا الفُلْك أوَّل مَن صَنَعها نوح، فبَقِيَتْ آيةً إلى يومِنا هذا، ولكنَّها تطوَّرت بحسَب الزمن، كما في قوله تَعَالَى: {وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (١٣) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ (١٤) وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: ١٣ - ١٥].

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَأَعْتَدْنَا} في الآخِرة {لِلظَّالِمِينَ} الكافرين {عَذَابًا أَلِيمًا} قوله: {لِلظَّالِمِينَ} هَذَا إظهارٌ في موضِع الإضمارِ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى السياق أن يقول: وأَعْتَدْنَا لهم، كما قال اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا} [نوح: ٢٥]، ولكن الإظهارُ هنا له فائدةٌ، بل فوائدُ، نَعُدُّها:

الأُولى: إرادة الشمول والعموم؛ لِيَشْمَلهم هم وغيرهم، حتى الظالمون من قريشٍ يدخلون في هذا؛ لِأَنَّهُ إذا قال: (وأَعتدنا لهم عذابًا أليمًا) صار العذابُ الأليمُ لهم فقطْ، لكِن لمَّا قال: {لِلظَّالِمِينَ} صار لهم ولغيرِهم.

والثَّانية: تسجيل هَذَا الوَصْف عليهم، وهو الظُّلم؛ لِأَنَّهُ وصفهم بأَنَّهُمْ ظالمون.

<<  <   >  >>