للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفاحشةَ، ليس مثل النساء، هَذَا هو القول الصحيح المتعيّن.

يوجد قول آخر وهو أن حكم اللُّواط حُكْم الزنا، وهذا هو المشهور من مذهب الإمامِ أحمدَ، وهو ضعيفٌ، فعلى هَذَا إن كان الفاعل محصَنًا، والمَفْعُول به محصَنًا، وجبَ الرجمُ، وإلَّا فالجلدُ والتغريبُ.

وذهب بعض العلماء إلى أَنَّهُ يُعَزَّر تعزيرًا بدون حدٍّ؛ لِأَنَّهُ لم يَثْبُتْ عنده حديثُ: "فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالمَفْعُولَ بِهِ" (١)، وليس فيه حدٌّ ثابت، فيُرجَع فيه إلى التعزيرِ، والتعزيرُ إذا قُلْنا بأن وليّ الأمر له أن يعزِّر بالقتل فما دونه صارَ قتلُ اللائط والملُوط به عائدًا إلى اجتهاد الإِمام.

وذهب بعض العلماء إلى أنَّه ليس فيه حدٌّ ولا تعزيرٌ، لكنَّه حرام، حُجَّته يقول: إِنَّهُ يُكتفَى بالنفور الفِطريّ عن العقوبة الرادعةِ، يعني أن هَذَا النفور منه أمر فطريّ، فلا يحتاج إلى عقوبةٍ رادعةٍ، ولهذا جعل الشرعُ في شُرب الخمرِ عقوبةً؛ لِأَنَّ النفوسَ تميل إليها, ولم يجعل في شربِ البولِ عقوبةً؛ لِأَنَّ النفوسَ تنفِر منه بالطبيعةِ، فهذا مثله.

فيقال: هَذَا رجل سليم الفطرة ولا يعرف الواقع، فإذا كانت فِطرته سليمةً تنفِر من هَذَا الأمر، فإن هناك فِطَرًا مقلوبة تَهْوَى هَذَا الأمرَ وتميل إليه، فماذا نَصنَع بهَذه الفِطَر؟ ثم إن قوله: إن شُرْبَ البولِ لا تعزيرَ فيه لِأَنَّ النفوسَ تنفِر منه؛ غير مُسَلَّم، فلو أن رجلًا ابتليَ بشربِ البولِ هل نتركه يشرب بولَ النَّاسِ أو نعزِّره؟ نعزِّره ونمنعه من ذلك، وإن كانت الفطرة تأبَى هَذَا الأمرَ.


(١) سبق تخريجه.

<<  <   >  >>