أصلُه (من اتَّخذ هواه إلهًا) فالمُتَّخَذُ إلهًا هو هوى، لا الإله متّخذًا هوى، الإلهُ ما اتّخذ هوًى، ولكن الهوى متَّخذ إلهًا، فلِهَذَا قالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّه:[قدَّم المَفْعُول الثَّانيَ لِأنَّهُ أهمّ] يعني لِأنَّهُ هو محلّ التعجُّب، فمحلّ التعجّب أن يَكُون هَذَا الشَيْءُ إلهًا، لا محلّ التعجُّب مجرَّد الهوى، فمجرد الهوى ليس محلَّ تعجُّب، إِنَّمَا مَحَطُّ التعجُّب أن يُتَّخذ إلهًا، فعلى هَذَا نقولُ: المَفْعُول الأول (إلهًا) والثَّاني (هواه).
قَالَ المفَسِّر رَحِمَهُ اللَّه: [وجملة (مَنِ اتَّخذ) مَفْعُولٌ أوَّل لـ (رأيت)]، قوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [جملة {مَنِ اتَّخَذَ}] ننظُرُ هل كَلامه رَحِمَهُ اللَّهُ صحيحٌ أو غيرُ صحيحٍ؟ يعني قوله:{مَنِ اتَّخَذَ} هو على كلِّ حالٍ مفردٌ، إلَّا على طَريقةِ ابنِ جِنِّي، لكنْ هل يُعَبَّر عن الموصول وصلته بالجملةِ؟ إذا قلت مثلًا:(قدِم الَّذِي سافر)، هل تقول:(الَّذِي سافر) جملة؟ لا؛ لِأَنَّ الاسْمَ الموصولَ مُفْرَدٌ، لكِن صِلَته جملةٌ، ويَدُلُّ على ذلك أنَّ الاسْمَ الموصول يَقَعُ فاعلًا، والفاعل لا يَكُونُ جملةً، تقول:(جاء الَّذِي سافر)(الذي) فاعل، ولا يمكن أن يَكُون جملةً، وعلى هَذَا فيَكُون قوله رَحِمَهُ اللَّهُ:[وجملة مَنِ اتَّخذ] فيه تسامُحٌ، والصواب أن يقال: و (مَنْ) في قوله: {مَنِ اتَّخَذَ} مَفْعُول أوَّل لـ (رأيت).
والثَّاني:{أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا} الاستفهام هنا للنفي، يعني: فلنْ تكونَ عليه وَكِيلًا، قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ:[أيْ حافظًا تَحْفَظُه مِنِ اتِّباعِ هَوَاهُ؟ لا]، يعني لستَ وكيلًا عليه، وإذا لم تكنْ وكيلًا عليه فلستَ مسئولًا عنه، وإذا كان هَذَا الكَلام للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فمَن دُونَهُ أَولَى، فنحنُ لَسْنَا وُكَلَاءَ على مَن عَصَوُا اللَّه، ولا على مَن فَسَقُوا عن أَمْرِه، إِنَّمَا علينا البلاع والدعوة، وعلى اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الحِساب، قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ}، وبهذا نعرِف أنَّهُ لا يَنبغي للإنْسَانِ