والتعظيم، ففخروا بأنفسِهم، بل أَنكى من ذلك وأدهَى أَنَّهُمْ صاروا محلَّ التقليدِ عند بعضِ النَّاسِ، يعني يقلدونهم، ومعروف أن الإنْسَانَ إذا قُلِّدَ فسوف يفخَر ويرى نفسه إمامًا، وهذا في الحقيقة من سُوء التصرُّف، ومن ضعف الشخصيَّة، وإلَّا فالواجب أن نُنزّلُ هَؤُلَاءِ الكفَّارَ مَنْزِلَتَهُمُ الَّتِي أَنزلَهم اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وألَّا نجعلَ منهم قدوةً، وأَنَّهُمْ إذا فتحوا لنا أبوابًا مِنْ الِاختراعات والصناعات وغيرِها، نعم نستفيد من عِلمهم، لكِن لا عَلَى أنَّنا نُظهِرهم بمظهرِ البارزِ المتقدِّمِ المعظَّم، إنَّما نقول: هَؤُلَاءِ مثلما تَهتدي الشاةُ إلى العَلَفِ الجيِّد وتأكله هم اهتدَوْا إلى هَذِهِ الصنائعِ وعَلَّمَهم اللَّه مهنة لهم ولغيرهم، لكِن كوننا نُقَدِّمُهُمْ وَنَجْعَلُهُم محَلَّ إعجابٍ وإكرامٍ هَذَا خطأ. وبَيَّنَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ فقال:[لأنها تنقاد لمِن يَتَعَهَّدها، وهم لا يطيعون مولاهم المنعِمَ عليهم].