للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٣٠) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣١) يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (٣٢) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ} [التوبة: ٣٠ - ٣٣]. فنقول: دين الحقّ ما جاء به الرَّسولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فإذَن اليهوديّ الكِتَابيّ إذا بقِيَ على دينه، وإن كان دينُه حقًّا حينما كان هو الثابت، لكنَّه الآن ليسَ بدين حقٍّ؛ لِأَنَّ دين الحقِّ ما جاء به مُحَمَّدٌ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فيَكُون في آخِرِ الآياتِ ما يدل على أن هَؤُلَاءِ وإنْ زَعَموا أَنَّهُمْ على شريعةٍ وعلى دينٍ، فإن دينَهم ليس دينَ حقٍّ بعد أنْ جاء دينُ الرَّسولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ} [التوبة: ٣٣].

وهذا نظير ما يحتجّ به هَؤُلَاءِ في قوله تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا} [البينة: ٦]، اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يقول: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} وهم يَقُولُونَ: نحن ما كَفَرنا، بل نحن مؤمنونَ، فيَجعلونَ (من) للتبعيضِ، لا لبيانِ الجِنس، ونحن نقول: إن (من) لبيانِ الجِنس، فقوله: {الَّذِينَ كَفَرُوا} من أيِّ طائفةٍ؟ {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ}، هَذَا بيان للاسْمِ الموصول (الذين) في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ}.

فالحاصِلُ: أنَّهُ توجَد آياتٌ في القُرْآن كما أَسْلَفْنَا مشتَبِهات يتبعها الَّذِينَ في قُلُوبهم زيغ، ولكنَّ المؤمنين يَرُدُّونها إلى المحكَمِ، فتكون كلها محكَمةً.

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: قوله تَعَالَى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة: ٣٠]، ألا يَكُون دليلًا صريحًا على كُفْرِهِم، لكِن إذا قالوا: نحن لا نقولُ: عُزيرٌ ابنُ اللَّه،

<<  <   >  >>