للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غيرَ مضيئةٍ، وهذا خلاف المعهودِ أن تطلُعَ غير مضيئة، ولكن اللَّه قادِر على أنْ يُخرِجَها غيرَ مضيئةٍ، كما يُعلم ذلك في الكسوفِ.

فالحاصلُ: أن السكونَ الآن يفسَّر بحسَب ما يفسَّر به الظلُّ. هَذَا أحد الأقوال في تفسير الظل.

والقول الثَّاني في الظل: أن المراد به الليلُ كلُّه، وأنَّ المراد بمدِّه تطويله، {ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا} بمعنى بعد أن كان طويلًا كان ينقُص شيئًا فشيئًا، فيَكُون في هَذَا إشارة إلى تغيُّر الفصول؛ لِأَنَّ الفصول تتغيَّر بتغيُّر الليلِ والنهارِ.

والقول الثالث: أنَّ المرادَ بالظلِّ ظلُّ كلِّ شاخصٍ إذا طلعتِ الشمسُ، فإنَّ اللَّه تَعَالَى يَمُدُّه ثم يَقْبِضُهُ شيئًا فشيئًا، {وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا} فتكون الشمس مُسْتَقِرَّةً ثابتةً في مكان لا تَرتفِع ولا تَنخفِض.

فالآنَ صار المرادُ بالظلِّ على الخلاف ثلاثة آراءٍ؛ إمَّا أنَّهُ ما بين طلوعِ الفجرِ إلى طلوعِ الشمسِ، والمُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ يقول: [من وقت الإسفار] لأجل أن يتحقق الظل. أو أنَّهُ الليل كله، ويَكُون مَدُّهُ تطويلَه ثم يَنقُص، ففي هَذَا من قُدرة اللَّه تَعَالَى: تغيُّر الفصول بسَبَب طول الليل وقِصره. أو أن المراد به ظِلّ كلِّ شاخصٍ، فَإِنَّهُ أوَّل ما تطلُع الشمس يَكُون الظلُّ طويلًا ممدودًا، ثم يُقبَض شيئًا فشيئًا، {وَلَوْ شَاءَ} اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {لَجَعَلَهُ سَاكِنًا}، والسكون هنا يَختلِف معناه بحسَب اختلاف معنى الظلِّ، فإذا قُلْنا: المراد بالظلِّ ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، كان المراد بالسكون أن الشمس تخرج دَفعةً وَاحِدةً بدون أن يَكُون ظِلُّها شيئًا فشيئًا، وإذا قُلْنا: إن المراد به الليل كان المراد بسكونِه أن يبقَى الليل دائمًا، لا يزيد ولا ينقُص، وإذا قُلْنا: إن المراد بالظلِّ ظِلُّ الشاخصِ، صار المراد بسكونِه أن الشمسَ لا تتحرَّك،

<<  <   >  >>