للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: أَلا يُمْكِن أنْ نقولَ: إنَّ البرزخَ جُزْءٌ ضَئيلٌ مِن هَذَا وهذا انْدَمَجَا فكانَ كالحاجِزِ؟

نقول: إذا ثبتَ هَذَا فيُمكِن أنْ نقولَ: النسبة مثلًا الَّتِي بينهما لا تكون حُلوًا خالصًا ولا مِلحًا خالصًا.

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: هل كلمة بَرْزَخ تُقاسُ بالنسبةِ لِلْبَرْزَخِ المعروفِ فِي الدُّنيا والآخِرَةِ؟

نقول: يُمْكِنُ، واللَّهُ أعلمُ.

لَوْ قَالَ قَائِل: أحيانًا عَلَى ضَوْءِ مُكْتَشَف عِلْمِيّ لا بأسَ من إعطاءِ مَعْنًى معيَّن؛ لِأَنَّهُ أحيانًا فِي غِيَابِ هَذَا الواقِعِ العلميِّ قد يُشْكِل معنى آيةٍ، وأَذْكُرُ أنا تفسيرَ آيةٍ فِي سورةِ النورِ: {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ} [النور: ٤٠]، فأكْثَر المفسِّرِينَ قالوا: بما أنَّه لا يُوجَدُ مَوْجَانِ فوقَ بَعْضِهما، فالفوقُ هنا يُحْمَلُ عَلَى معنى {مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ}، وهذا تأويلٌ لا تحْتَمِله كثيرًا اللغة العربيَّة.

وقد قرأتُ بحثًا مِن مُدَّةِ حوالي خمس سَنَوَاتٍ لِعَالمٍ فِي أَمْرِيكا، أَصْلُه مِصْرِيٌّ وأخذ جِنْسِيَّة أمريكيَّة، مشهور فِي أبحاثِ الفضاءِ، نزل فِي غَوَّاصَةٍ مِنْ أجْلِ اكتشافِ أعماقِ المحيطاتِ، فَقَالَ: إن الرأيَ الغالبَ كَانَ عندَ العلماءِ قبلَ هَذِهِ التَّجْرِبَةِ أنَّ باطنَ المحيطاتِ والبحارِ ساكنٌ تمامًا، قَالَ: وإذا بِنَا نُفَاجَأ أنَّ فِي قاعِ المحيطاتِ أمواجًا، والأمواج الَّتِي عَلَى السَّطْحِ لا تُذْكَرُ أمامَ تِلك الأمواج مِن شِدَّتِها وعَظَمَتِها، فالآن كلمة {فَوْقِهِ} لم يَعُدْ هناك مُبَرِّر لتأويلِها، وإنما (فوق) أي هناك موجٌ فِي الأسفلِ يَعْلوه مَوْج فِي الأعلَى، فوجود الظاهرةِ الكونيَّة العلميَّة يُساعِد عَلَى تَوْجِيهِ المعنى فِي اتجاهٍ معيَّن بدونِ تَعَسُّفٍ فِي المعنى، فحَتَّى الأمواج الظاهريَّة الَّتِي عَلَى سطحِ البحرِ يَكُونُ الموجُ قليلَ الارتفاعِ ثم يأتي موجٌ أكبرُ منه.

<<  <   >  >>