وقوله:{فَاسْأَلْ بِهِ} قد يقول قائلٌ: إن المتبادَر أنْ يقولَ: اسأَلْ عنه خبيرًا؛ لِأَنَّ السؤالَ بمعنى الاستفهامِ يُعَدَّى بـ (عن)، فهل تقول: سألتُ بفلان أو عن فلان؟ تقول: سألتُ عن فلانٍ، فكيف نُجِيبُ عن التعديَةِ بـ (الباء)، مع أن المتبادر أن يتعدى بـ (عن)؟
الوجه الأول: أنْ تكونَ (الباء) بمعنى (عن)، وهذا واضحٌ: فاسأل عنه خبيرًا.
الوجه الثَّاني: أن تكونَ (الباء) مُتَعَلِّقَةً بمحذوف تقديره: معتنيًا أو مهتمًّا بِهِ، حال من الضمير المستتِر فِي قولِه:{فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا}. وعندي أَيْضًا أَنَّهُ يوجد احتِمَال أنَّ المعنى: فاسألْ تجب بِهِ خبيرًا، يَعْنِي كأَنَّه ضمَّن السؤالَ ما يَدُلُّ عَلَى الجوابِ، مثل ما قِيلَ في:{سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ}[المعارج: ١]، سأل سائلٌ وأُجيبَ بعذابٍ واقعٍ، ويَكُون عُدِل عن (عن) بـ (الباء)؛ لِأَنَّ (عن) إِنَّمَا تدل عَلَى مجرَّد السؤال، و (الباء) تَدُلُّ عَلَى الإجابةِ أَيْضًا. وعلى كلِّ حالٍ فالمعنى أن الرَّحمنَ الَّذِي خلقَ السَّمواتِ والْأَرضَ واستوى عَلَى العرشِ اسْأَلْ عنه خبيرًا يُخْبِرُكَ.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: هل يَصِحُّ أن يَكُون (به) متعلِّقًا بـ (خبيرًا)؟