للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حالِ الإنْسَانِ، فكلَّما كان الإنْسَانُ أشدَّ إيمانًا وأشدَّ تَقوى للَّه عَزَّ وَجَلَّ كان ذلك اليومُ أيسرَ له، ولهذا ثَبَتَ في الحديث الصحيحِ: "سَبْعَة يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ" (١)، وأن "كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ" (٢) في يوم القيامة.

وعلى هَذَا نقول: كُلَّمَا كان الإنْسَانُ أَقوَى إيمانًا باللَّهِ، وأشدَّ تقوى للَّه، كان يُسْرُ ذلك اليومِ عليه بحسَبه، وكلَّما كان الإنْسَانُ أَعتَى وأكفرَ يَكُون أشدَّ وأعَظمَ. وقد أخبر النَّبي عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أنَهُ رأى في النار عَمْرَو بنَ لُحَيٍّ يجر قُصْبَه وأمعاءَه (٣) مما يدلُّ على أَنَّهُ كلَّما زاد عُتُوُّ الإنْسَان وكُفْره زاد عُسْر ذلك اليومِ عليه.

ثم إن هناك أيضًا قاعِدَة في الأُصُولِ أَنَّهُ إذا عُلق الحُكم على وصفٍ كان أثر ذلك الحُكم بحسَب ذلك الوصفِ، يعني أن تأثير الوصفِ في الحكمِ بحسَب الوصفِ، فإذا كان العُسر معلَّقا بالكفرِ فكُلَّمَا كان الكفرُ أشدَّ كان العُسْر أشدَّ، وإذا عُلق اليُسر بالإيمانِ صارَ كلَّما كان الإيمان أقوى كان اليُسرُ أقوى.

فالحاصلُ: أن كلَّ حُكْيم عُلِّق على وصفٍ فَإِنَّهُ يَختلف أثرُ ذلك الحُكْم بحسَب ذلك الوصفِ، يعني أن تأثير الوصفِ في الحُكم بحسَب الوصفِ.

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: في حديثِ الشفاعةِ الأنبياءُ كلُّ وَاحِدٍ منهم يقولُ: نفسي نفسي (٤)،


(١) أخرجه البخاري: كتاب الأذان، باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد، رقم (٦٦٠)، ومسلم: كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة، رقم (١٠٣١).
(٢) أخرجه أحمد (٤/ ١٤٧).
(٣) أخرجه البخاري: كتاب تفسير القرآن، باب {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} [المائدة: ١٠٣]، رقم (٤٦٢٣)، ومسلم: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء، رقم (٢٨٥٦).
(٤) أخرجه البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول اللَّه تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ}، رقم (٣٣٤٠)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها، رقم (١٩٤).

<<  <   >  >>