للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَإِن كَانَ مَا قطع فِيهِ من السّرقَة قد اسْتَهْلكهُ مَعَ سَائِر مَا سرق قبل ذَلِك؛ فَإِنَّهُ لَا يتبع بغرم مَا قطع فِيهِ، وَيغرم سَائِر مَا سرق قبل ذَلِك مِمَّا لم يقطع فِيهِ، وَإِن كَانَ قد اسْتَهْلكهُ.

مَا الْبُرْهَان على صِحَة مَا قلت من أَن الْقطع الَّذِي قطعه السَّارِق الَّذِي وَصفنَا أمره قطع لما رفع فِيهِ إِلَى السُّلْطَان من الْمرة الْوَاحِدَة، دون أَن يكون قطعا لجَمِيع المر الَّتِي سرق قبل الْقطع؟ وَمَا قلت فِي شَارِب من الْمُسلمين وجد يشرب خمرًا، فَشهد عَلَيْهِ عَدْلَانِ من الْمُسلمين أَنهم رَأَوْهُ شرب عشرَة أقداح مِنْهَا فِي مجْلِس وَاحِد، وَاحِدًا بعد وَاحِد؟ أَو شَهدا عَلَيْهِ أَنَّهُمَا رأياه شرب قدحا وَاحِدًا فِي أنفاس متقطعة: عشرَة يتحساها فِي كل مرّة، ثمَّ يقطع، ثمَّ يعود، فتحساها حَتَّى فعل ذَلِك مَرَّات عشرا: أحد وَاحِد عَلَيْهِ أم عشرَة حُدُود؟

فَإِن قَالُوا: حد وَاحِد. قيل لَهُم: فأخبرونا عَن ذَلِك الْحَد الْوَاحِد: أحد لجَمِيع الشّرْب فِي الأنفاس والأقداح الْعشْرَة أم ذَلِك حد لأوّل جرعة تجرع مِنْهَا؟

فقد علمْتُم أَن الْحَد قد وَجب عَلَيْهِ بِأول جرعة مِنْهَا؛ فَإِن زَعَمُوا أَن ذَلِك حد لشربه مَا شرب من ذَلِك فِي أول نفس، وَأول قدح {قيل لَهُم: فَمَا شَأْن شربه فِي الأنفاس والأقداح الْأُخَر؟ أموضوع عَنهُ فِيهِ الْحَد، فَلَا حد عَلَيْهِ فِيهِ، أم عَلَيْهِ لكل جرعة تجرع من ذَلِك حد غير الْحَد فِي الجرعة الْأُخْرَى؟ فَإِن زعم أَن عَلَيْهِ لكل جرعة تجرع من ذَلِك حدا غير الْحَد فِي الجرعة الْأُخْرَى غَيرهَا} خرج من قَول جَمِيع الْأمة، وناقض فِي قَوْله فِي السَّارِق: أَن عَلَيْهِ إِذا رفع، وَقد سرق مَرَّات كَثِيرَة، فِي كل مرّة من ذَلِك مَا يجب فِي مثله الْقطع، قطع يَد وَاحِدَة! وَقيل: فَهَلا أوجبت - أَيْضا - على السَّارِق لكل مرّة سرق قبل الرّفْع إِلَى الإِمَام مَا يجب فِي مثله الْقطع، قطعا غير الْقطع الَّذِي أوجبته لغَيْرهَا؟

<<  <   >  >>