للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


=
لا يستلزم ثبوت موجبها في حق المعين إلا إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع". ومع صدور هذه الأحكام المكفرة منهم، كانوا من أورع الناس وأشدهم خشية في أن يخرجوا أحدا من ملة الإسلام إلا بعد أن يستتيبوه ويقيموا حجة الله عليه.
فالجهمية مثلا قد كفرها كثير من الأئمة، وهذا كان منهم على سبيل الإطلاق، أما عند التعيين فقد وجد كثير من الذين اعتنقوا هذا المذهب الخبيث لم يكفرهم الأئمة، كما حصل للإمام أحمد في محنته.
وفي ذلك يقول شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (١٢/ ٤٨٨ - ٤٨٩): "فإن الإمام أحمد مثلا قد باشر الجهمية الذين دعوه إلى خلق القرآن، ونفي الصفات، وامتحنوه وسائر علماء وقته، وفتنوا المؤمنين والمؤمنات الذين لم يوافقوهم على التجهم بالضرب والحبس والقتل والعزل عن الولايات ... ثم إن الإمام أحمد دعا للخليفة وغيره، ممن ضربه وحبسه، واستغفر لهم، وحللهم مما فعلوه به من الظلم والدعاء إلى القول الذي هو كفر، ولو كانوا مرتدين عن الإسلام لم يجز الاستغفار لهم؛ فإن الاستغفار للكفار لا يجوز بالكتاب والسنة والإجماع، وهذه الأقوال والأعمال منه ومن غيره من الأئمة صريحة في أنهم لم يكفروا المعينين من الجهمية الذين كانوا يقولون: القرآن مخلوق، وإن الله لا يُرى في الآخرة. وقد نُقل عن أحمد ما يدل على أنه كفر به قوما معينين، فأما أن يذكر عنه في المسألة روايتان ففيه نظر، أو يحمل الأمر على التفصيل، فيقال: من كفَّره بعينه؛ فلقيام الدليل على أنه وجدت فيه شروط التكفير، وانتفت موانعه. ومن لم يكفره بعينه؛ فلانتفاء ذلك في حقه، هذا مع إطلاق قوله بالتكفير على سبيل العموم".

<<  <  ج: ص:  >  >>