التعليق: تبين لنا من هذه الآثار الواردة عن السلف أن سؤال الرجل غيره "أمؤمن أنت" من البدع المحدثة في الدين، التي لم يكن يعرفها الصدر الأول من المسلمين، إنما هي من إحداث المرجئة ليحتجوا بها على بدعتهم. قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (٧/ ٤٤٨): "وقد كان أحمد وغيره من السلف مع هذا يكرهون سؤال الرجل لغيره أمؤمن أنت؟ ويكرهون الجواب، لأن هذه بدعة أحدثها المرجئة، ليحتجوا بها لقولهم. فإن الرجل يعلم من نفسه أنه ليس بكافر؛ بل يجد قلبه مصدقا بما جاء به الرسول، فيقول: أنا مؤمن، فيثبت أن الإيمان هو التصديق لأنك تجزم بأنك مؤمن، ولا تجزم بأنك فعلت كل ما أمرت به. فلما علم السلف مقصدهم، صاروا يكرهون الجواب أو يفصلون في الجواب". قال الأوزاعي في الرجل يُسئل: أمؤمن أنت؟ فقال: "إن المسألة عما سأل بدعة، والشهادة به جدل، والمنازعة فيه حدث، ولعمري ما شهادتك لنفسك بالتي تخرجك من الإيمان إن كنت كذلك، وإن الذي سألك عن إيمانك ليس يشك في ذلك منك، ولكنه يريد أن ينازع الله -عَزَّ وَجَلْ- علمه في ذلك، حين يزعم أن علمه وعلم الله -عَزَّ وَجَل- في ذلك سواء. فاصبر نفسك على السنة، وقف حيث وقف القوم، وقل فيما قالوا، وكف عما كفوا عنه، واسلك سبيل سلفك الصالح فإنه يسعك ما وسعهم". أخرجه الآجري في الشريعة (٢٩٤)، واللالكائي في شرح الاعتقاد (١٧٩٧)، والخلال في السنة (٩٧٢). وقال ابن سيرين: "سؤال الرجل أخاه أمؤمن أنت: محنة بدعة كما يمتحن =