وقال ابن جماعة -رحمه الله- في كتابه "تحرير الأحكام في تدبير الإسلام" (ص ٦٤) في معرض بيان حقوق ولاة الأمر: "رد القلوب النافرة عنه إليه، وجمع محبة الناس عليه؛ لما في ذلك من مصالح الأمة، وانتظام أمور الملة. والذب عنه بالقول والفعل، وبالمال والنفس والأهل في الظاهر والباطن، والسر والعلانية". ومن حقوق الإمام على رعيته كذلك عدم الخروج عليهم وإن صدر منهم ظلمٌ أو قتل بغير حق أو غير ذلك، لأن الخروج عليهم يؤدي إلى سفك الدماء وانتهاك الأعراض وعدم الأمن إلى غير ذلك من المفاسد المترتبة على الخروج، لذا نهى النبي المصطفى -صلى الله عليه وسلم- عن الخروج على الأمراء وإن جاروا. فعن عوف بن مالك -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، ويصلون عليكم وتصلون عليهم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم". قيل يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف؟ فقال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، وإذا رأيتم من ولاتكم شيئا تكرهونه، فاكرهوا عمله، ولا تنزعوا يدا من طاعة". رواه مسلم (١٨٥٥). وعن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عرف برئ، ومن أنكر سلم، ولكن من رضي وتابع" قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: "لا ما صلوا". رواه مسلم (١٨٥٤). قال الإمام أحمد: "ومن خرج على إمام المسلمين وقد كان الناس اجتمعوا عليه وأقروا له بالخلافة بأي وجه كان بالرضا أو بالغلبة، فقد شق هذا الخارج عصا المسلمين، وخالف الآثار عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإن مات الخارج عليه مات ميتة =