التعليق: ومن الحقوق الواجبة للإمام على رعيته أن يدفعوا له زكاة أموالهم، إذا هو أمرهم بدفعها، ولا يجوز لهم أن يمتنعوا عن أدائها له، وإن كان لا يضعها في موضعها، فقد دلت السنة المطهرة على ذلك. فقد أخرج مسلم في صحيحه (٩٨٩) عن جرير بن عبد الله قال: جاء ناس من الأعراب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: إن ناسا من المصدِّقين يأتوننا فيظلموننا، قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أرضوا مُصَدِّقِيكم". قال جرير: ما صدر عني مُصَدِّق منذ سمعت هذا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا وهو عني راض. وروى عبد الرزاق في المصنف (٤/ ٤٦) عن معمر عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه قال: اجتمع عندي مالٌ، قال: فذهبت إلى ابن عمر وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري وسعد بن أبي وقاص -رضي الله عنهم- فأتيت كل رجل منهم وحده، فقلت: إنه اجتمع عندي مالٌ، وإنّ هؤلاء يضعونها حيث ترون، وإني قد وجدت لها موضعا فكيف ترى؟ فكلهم قالوا: أدِّها إليهم. وأخرج ابن قتيبة في كتابه عيون الأخبار (١/ ٧) عن العجاج قال: "قال لي أبو هريرة: ممن أنت؟ قال: قلت من أهل العراق. قال: يوشك أن يأتيك بُقعان الشأم، فيأخذوا صدقتك، فإذا أتوك؛ فتلقّهم بهم، فإذا دخلوهم، فكن في أقاصيهم، وخلّ عنهم وعنهم. وإيّاك أن تسبّهم؛ فإنك إن سببتهم ذهب أجرك، وأخذوا صدقتك، وإن صبرت جاءتك في ميزانك يوم القيامة". =