للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبعده ابن القيِّم بقرنين من الزمان يؤكِّد على نفس المعنى بقوله:

"ومما يحتاج إليه الطفل غاية الاحتياج: الاعتناء بأمر خلقه، فإنه ينشأ على ما عوَّده المربي في صغره، من حَردٍ، وغضبٍ، ولجاجٍ، وعجلةٍ، وخفَّة مع هواه، وطيشٍ، وحدَّةٍ، وجشعٍ، فيصعب عليه في كبره تلافي ذلك، وتصير هذه الأخلاق صفات وهيئات راسخةً له، فلو تحرَّز منها غاية التحرُّز؛ فضحته ولا بدَّ يومًا ما، ولهذا تجد أكثر الناس منحرفة أخلاقهم، وذلك من قبل التربية التي نشأ عليها" (١).

ومن المعاصرين: الشيخ محمد الخضر حسين؛ يُعيد الصياغة، ويسهِّل العبارة؛ فيقول: "إنَّ الصبي يولد على الفطرة الخالصة، والطبع البسيط، فإذا قُوبلت نفسه الساذجة بخلق من الأخلاق؛ انتقشت صورته في لوحها، ثم لم تزل تلك الصورة تمتد شيئًا فشيئًا إلى أن تأخذ بجميع أطراف النفس، وتصير كيفية راسخة فيها، حائلةً لها عن الانفعال بضدها.

يؤيِّد هذا أنَّا إذا رأينا من الغرباء من هو لطيف الخطاب، جميل اللقاء، مهذب الألمعية، لا نرتاب في دعوى أنه ممن أنبته الله في البيوت الفاضلة نباتًا حسنًا" (٢).

وقد راعى الصحب والآل في هذا النوع من التربية بعض الأسس


(١) ابن القيِّم، «تحفة المودود بأحكام المولود» (ص/ ٢٤٠).
(٢) محمد الخضر حسين، «السعادة العظمى» (ص/ ٦٠).

<<  <   >  >>