يُعدُّ بناءُ العبادة مكمِّلًا لبناء العقيدة، فالأولى تغذي الثانية بروحها، بل:"لابُدَّ لكي يظل غرس العقيدة قويًّا في النفس، من أن يُسقَى بماء العبادة، بمختلف صورها وأشكالها، وبذلك تنمو العقيدة في الفؤاد، وتترعرع، وتثبت أمام عواصف الحياة وزعازعها"(١). فالعبادة هي المنعكس الذي يعكس صورة العقيدة ويُجسِّمها، والطفل عندما يتوجه لنداء ربه، ويستجيب لأوامره؛ فإنما يلبي غريزة فطرية في نفسه، فيشبعها ويرويها.
وتكوين العادة في الصغر أيسر بكثير من تكوينها في الكبر، ذلك أن الجهاز العصبي الغض للطفل أكثر قابلية للتشكيل، وأيسر حفرًا على مسطحه.
أما في الكبر: ففضلًا عن اشتغال الجهاز العصبي بكثير من المشاغل، ووجود مئات أو ألوف من القنوات المتشابكة على سطحه، التي لا تترك من ازدحامها مجالًا كبيرًا للإضافة؛ فإن الجهاز العصبي ذاته يفقد مع الكبر كثيرًا من مرونته الأولى، فيصبح الحفر عليه أشق!
(١) محمد البوطي، «تجربة التربية الإسلامية في ميزان البحث» (ص/ ٤٠).