لم يكن النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مغلقًا مجلسه، أو قاصرًا تفاعله ومشاعره على الكبار فقط، بل كان للصغار والأطفال من ذلك نصيبٌ وافر، وحظٌّ حاضر، سواء ظهر ذلك بقوله، أو بفعله، أو بإقراره لفعل أصحابه وآله من حوله.
يُعلِّم أصحابه أن الرفق بالصغير، والشفقة عليه خصلة للمسلم لا تنفكُّ عنه؛ فيقول:«ليس منَّا من لم يرحم صغيرنا»(١).
وكان يُؤتَى بالصغار إلى مجلسه، متفاوتة أعمارهم، مختلفةً اهتماماتهم وتصرفاتهم، فيتحمَّل - صلى الله عليه وسلم - ما يصدر منهم، ولا تصدُّه هذه التصرفات عن استقبالهم، أو الإفساح لهم في مجالسه، لتخرج تربيتهم وتنشئتهم في محيط اجتماعي مخالطٍ لهم، غير منعزل عنهم.
يُؤتَى عليه الصلاة والسلام بصبيٍّ صغير لم يأكل الطعام، فيجلسه في حجره، والصبي لا يدري شرف من يحمله، ولا قدر من يتعامل معه؛ فبحركة لا شعورية، وطبيعة لا إرادية، يبول الصبي في حجره الشريف - صلى الله عليه وسلم -، فيا لحَرَج أمِّه!
(١) إسناده صحيح: أخرجه أحمد (٦٧٣٣)، وأبو داود (٤٩٤٣)، والترمذي (١٩٢٠)، وصحَّحه الألباني في «صحيح الجامع» (٥٤٤٤).