للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد جَرَت العادة في أهل كل دينٍ وملَّة وجيل وأهل نحلة بطلب الكُفاة في باب النكاح والإنكاح، وجَعَل الدينُ هذا شريعةً من الشرائع؛ كلُّ ذلك: طلبًا لنجابة النَّسل، وتخيُّرًا للطروقة والفحل، وضنّا بالنجابة التي في النِّجار (١) أن تنتقل إلى غيره، وهربًا من تدنيس النسب (٢).

ولقد وعى الصَّحبُ الكرام هذه المسألة، فاعتنوا بها، وأعطوها حقَّها، حتى أنَّ العَيْنَ لا تخطئ ذلك النموذج الفريد لهذا الشاب الأنصاري الذي قدَّم الاختيار بعقله على مشاعره وعواطفه، مراعاة لأمر التربية والتنشئة؛ ذلك الشاب هو:

[جابر بن عبدالله الأنصاري - رضي الله عنه -]

في أثناء عودته من إحدى الغزوات مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، تحرَّكت به أشواقه، ولو تُرك العنان لها لسبقت جميع من حوله، لكن قعدت به ناقته، حتى لحق به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأصابت بركته الناقة؛ فسابقت أشواق جابر إلى المدينة، فاستفسر منه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن سر هذا الشوق والإسراع؛ فأجابه جابر بأنه: حديثُ عهدٍ بعُرس.

سأله النبي - صلى الله عليه وسلم - عن حالة من تزوَّجها: «بكرًا؟ أم ثيِّبًا؟»

قال جابر: بل ثيِّبًا.


(١) النِّجار -بكسر النون وبضمِّها-: الأصل، والحسب.
(٢) الماوردي، «نصيحة الملوك» (ص/ ١٦٤).

<<  <   >  >>