للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لهذا كله: جاء الإرشاد النبوي الموجِّه للآباء، المُلفت النظرَ لهذا الجانب المبكِّر الهام في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «تخيَّروا لِنُطَفِكم» (١)،

أي: اطلبوا لها ما هو خير المناكح وأزكاها (٢).

وبوَّب البخاري في «صحيحه» بهذا المعنى؛ فقال: "بابٌ إلى من ينكح، وأيُّ النساء خير، وما يُستحبُّ أن يتخيَّر لنُطَفِه من غير إيجاب" (٣).

فمن أوَّل حقِّ الوَلَد: أن ينتقي أُمَّه، ويتخيَّر قبل الاستيلاد منهن الجميلة، الشريفة، الديِّنة، العفيفة، العاقلة لأمورها، المرضيَّة في أخلاقها، المجرَّبة بحُسْنِ العقل وكماله، المواتية لزوجها في أحواله. قال الله تبارك وتعالى في جملة هذه القضايا: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا} (٤).


(١) إسناده ضعيف: أخرجه ابن ماجه (١٩٦٨)، والحاكم (٢/ ١٧٦)، وغيرهما من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة؛ مرفوعًا.

ومع أن الحديث صحَّحه الحاكم، والألباني في «سلسلة الأحاديث الصحيحة» (٣/ ٥٦)، وقال الحافظ في «فتح الباري» (٩/ ١٢٥): "أخرجه بن ماجه وصحَّحه الحاكم من حديث عائشة مرفوعًا، وأخرجه أبو نعيم من حديث عمر أيضًا، وفي إسناده مقال، ويُقوَّى أحد الإسنادين بالآخر"؛ لكن أعلَّه -قبلهما- أبو حاتم الرازي كما في «العلل» لابن أبي حاتم (١٢٠٨، ١٢١٩)، والدارقطني في «العلل» (٣٨٣٣)، ورجَّح الأخير أن الصواب فيه عن عروة مرسلًا، بدون ذكر عائشة. وقولهما أرجح وأولى، والله أعلم.
(٢) نور الدين السندي، «حاشية السندي على سنن ابن ماجه» (١/ ٦٠٧).
(٣) «صحيح البخاري» (٩/ ١٢٥ - مع الفتح).
(٤) سورة التحريم (٥).

<<  <   >  >>