للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأنفسهم فداءً لنبيهم، فعلموا بذلك علوَّ قدره، وسُموَّ منزلته، فلم تكن أنفسهم لتسمح لأحد بعد ذلك بأن يقع فيه، فإذا ما سوَّلت لأحد نفسُه مِثلَ هذا السوء من الفعل؛ فوجئ بغضب هائج، وإعصار هادر؛ لا يتوقَّف حتى يثأر لصاحب الجناب الشريف.

ومن ذلك: أن غلمانًا من أهل البحرين خرجوا يلعبون بالصوالجة، وأسقف البحرين قاعد، فوقعت الأكرة على صدره، فأخذها، فجعلوا يطلبونها منه فأبى، فقال غلام منهم: سألتك بحق محمد - صلى الله عليه وسلم - إلا رددتها علينا، فأبى، وسبَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -!

فأقبلوا عليه بصوالجهم، فما زالوا يخبطوا حتى مات.

فرفع ذلك إلى عمر - رضي الله عنه -، فوالله ما فرح بفتح ولا غنيمة كفرحته بقتل الغلمان لذلك الأسقف، وقال: «الآن عزَّ الإسلام، إن أطفالا صغارا شُتم نبيهم فغضبوا له وانتصروا». وأهدر دم الأسقف (١).

[٥ - تعظيم أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ونهيه في نفوسهم، حتى لو كان على غير هواهم]

الصغير لا يميز بين الحلال والحرام، وشهوته وميله لفعل شيء يحبه لا ضابط له عنده، لكن المربي يزرع في نفسه منذ الصغر توقير النبي - صلى الله عليه وسلم - وتعظيم أمره ونهيه، بربط ذلك بأفعاله وميوله، حتى يشب


(١) أبو الفتح الأشبيهي، «المستطرف في كل فن مستطرف» (ص/ ٤٧١).

<<  <   >  >>