للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على الامتثال لما يأتيه لاحقًا بعد ذلك من أوامر، وإن خالفت هواه.

أتى عبدالله بن عمر لزيارة يحيى بن سعيد بن العاص يومًا، فدخل عليه وغلام من بنيه رابط دجاجة يرميها، فمشى ابن عمر إلى الدجاجة فحلَّها، ثم أقبل بها وبالغلام، وقال ليحيى: ازجروا غلامكم هذا عن أن يصبر هذا الطير على القتل، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ينهى أن تُصبَر بهيمة أو غيرها لقتل، وإن أردتم ذبحها فاذبحوها» (١).

ومرَّ ذات يوم بفتيان من قريش قد نصبوا طيرًا، وهم يرمونه، وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا، فقال ابن عمر: «من فعل هذا؟ لعن الله من فعل هذا، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعن من اتخذ شيئًا فيه الروح غرضا» (٢).

لن تفارق كلمات ابن عمر، وفعله، وحالته من التأثر والغضب ذهن غلام يحيى بن سعيد، ولا أذهان فتية قريش، بل ستنطبع في ذاكرتهم، وتُحفر في عقولهم، لتشكل مسارًا قادمًا في حياتهم للتعامل مع الأوامر والنواهي النبوية.

فإذا ما أراد أحدٌ أن يعترض على الأمر النبوي بعقله دون تقدير له؛ جاءه الرد من مُربِّيه ووليه عنيفًا، والتوبيخ شديدًا، لا سيما إن كان كبيرًا عاقلًا.


(١) إسناده صحيح: أخرجه أحمد (٥٦٨٢).
(٢) «صحيح مسلم» (١٩٥٨).

<<  <   >  >>