للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كذلك كان - صلى الله عليه وسلم - إذا زار أحد أصحابه، ورأى طفله: خاطبه، وداعبه، وشاركه مشاعره، ولم يكن يهمله أو يتجاهله.

يقول أنس بن مالك، خادمه الصغير الذي خدمه عشر سنين، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس خُلُقًا، وإن كان ليخالطنا (١)، وكان لي أخ يقال له: أبو عمير، قال: أحسبه كان فطيمًا، قال: فكان إذا جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرآه، قال: «يا أبا عُمَيْر! ما فعل النُّغَيْر (٢)؟» قال: فكان يلعب به (٣).

وكان يرى أحفاده وآل بيته مع الصبيان يلعبون، فلا يُحجِّر عليهم، بل يمازحهم أمامهم، ليكون هذا ماثلًا في ذهن الآباء، فيحرصون على أن يُنشَّأَ صغارهم في جو جماعيٍّ بين الأطفال والصغار ممن هم في مثل عمرهم، غير منزوين أو منعزلين عنهم.

يخرج - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابه إلى طعام دُعُوا له، فإذا حسين يلعب مع الغلمان في الطريق، فاستمثل (٤) أمام القوم، ثم بسط يده وطفق الصبي يفر هاهنا مرة وهاهنا، وجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضاحكه، حتى أخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجعل إحدى يديه تحت ذقنه، والأخرى تحت قفاه، ثم أقنع رأسه (٥) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوضع فاه على فيه فقبله فقال: «حسين مني وأنا


(١) أي: يلاطفنا بطلاقة الوجه والمزح.
(٢) النُّغير: مصغر نغر، وهو طير كالعصفور محمر المنقار، يسميه أهلُ المدينة: البلبل.
(٣) متَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاري (٦٢٠٣)، ومسلم (٢١٥٠).
(٤) أي: انتصب قائمًا، وقف، من: مثُل يمثُل، قام يقوم.
(٥) أي: رفعه.

<<  <   >  >>